الاصلاح مهم في عالمنا العربي وما لم نصلح مؤسساتنا ونضع ايدينا على الجرح ونشير إليه فلن تتغير الحال. لكنا نحن العرب - للاسف الشديد - لا نؤمن بالاصلاح مادام يتعارض مع مصالحنا بدعوى ان جرعات الديمقراطية الزائدة قد تسبب عسر الهضم، او كما قال أوفيد: «الافراط في عدد الشموع هو الذي احرق الكنيسة». لذلك لا نعجب اذا رأينا في بعض المسئولين عداوة واضحة للصحافة أو تآمراً عليها. انهم يحسدوننا حتى على «قطّارة» الديمقراطية التي تزرق لنا في الفم كل صباح، ولكن على رغم ذلك نقول: يجب ان نطالب بالحقوق مادام هناك هامش للحرية.
المواطن البحريني كل يوم يبعث للصحافة همومه واحزانه ومشكلاته. قد يجد نقصا احيانا في الاجابة كنقص الادوية في وزارة الصحة، ولكن لا بأس فعليه ان يتحمل ذلك. نريد ان نضع الحقائق ونكتبها كاملة. هدفنا الشفافية ونتمنى ألا نكون كديوان الخدمة المدنية البحريني الذي يُعتبر الديوان الوحيد في الخليج - ان لم يكن في العالم العربي - الذي لا ينشر اسماء الوظائف واسماء المرشحين لها عبر الصحافة مخافة التساؤل وبيان الحقائق، ولكن ماذا نعمل؟ لا غريب، فالعدوى وصلت إلى وزارة الكهرباء، فحتى الوكيل المساعد للشئون المالية والادارية في الكهرباء الأخ نواف لم يبين لنا لماذا لا تقوم وزارة الكهرباء بنشر الوظائف عبر الصحافة؟
الجميع يصرخ بأنه يريد الاصلاح ويريد الشفافية وانه مع المشروع الاصلاحي ولكن عندما نصل إلى التطبيق والاختبار العملي نجد هذا يهرب من التساؤل وذاك يهرب من الصحافة.
هل تصدقون ان وزارة التربية والتعليم إلى الآن لم تقم بمعادلة شهادة المعهد العالي في مصر؟ وهناك اكثر من 80 خريجاً مازالوا ينتظرون منذ عشر سنوات، والتسويف - على رغم الوعود - مازال مستمراً... لا اعلم هل هم يخشون توظيف هؤلاء أم زيادة رواتبهم ام ماذا؟ الوزارة اقرت بصحة الشهادة ولكن إلى الآن لم تحسم الموقف... السؤال: لماذا هذا التردد، الناس تعبت... يا جماعة، الطلبة ملوا الوقوف على ابواب الوزارة، ونحن مللنا من الكتابة في هذا الموضوع فمتى الفرج؟... طبعا هذا عدا عن المشكلات الاخرى...
قبل فترة كنت اسير في جدحفص فأوقفني طالب من مدرسة جدحفص الاعدادية، وقال لي: يا سيد، تعال وانظر اهمال وزارة التربية لمدرسة جدحفص... الطلبة متألمون... قلت له: مدرسة جدحفص، كنت ادرس فيها واتمنى زيارتها والتأكد من الشكاوى التي تصل عن اهمال الوزارة لها. ووعدت الطالب بأن نقوم في الصحافة بزيارة المدرسة لنكتب عنها، واخشى ان تكون مهملة كمركز البديع الصحي الذي اهمل سنين من وزارة الصحة، كلما دخلته خلت نفسي داخلاً إلى ملجأ. الله يساعد المرضى والاطباء والموظفين من هذا المركز المهمل.
وما دمنا دخلنا في قضية الاصلاح وهو يبدأ بالمؤسسات فبودي لو اطلع الاخوة على جهاز السجل السكاني وما يعانيه الموظفون هناك، ولا اعلم ان كان ديوان الخدمة المدنية على علم ام لا؟ ولكن الرائحة فاحت والصحافة لن تترك الموظفين ممن لهم حقوق في العراء من دون دعم. قبل ايام وصلتني اخبار عن قسم المجاري في وزارة الاشغال والذين لهم ايضا همومهم. حقيقة لا اعلم من اين ابدأ؟ فالشكاوى تتوالى من كل مكان، وفي كل مؤسسة يوجد اصلاحيون ويوجد اناس لا يؤمنون بالاصلاح إلا عبر الشعارات.
طبعا، جاءتني معلومات تفصيلية عن المواصلات وادارة البريد نذكرها في حينها ولكني لا اخفي عليكم، الجرة المكسورة في وزارة الاعلام وقضية التعيينات ودموع بعض موظفي هيئة الاذاعة والتلفزيون. سنتطرق إلى ذلك بعد رجوع الحجاج من الحج وتسجيل انطباعهم عن اداء بعثة حج هذا العام والوعود التي طرحت.
عودا على بدء اقول: الاصلاح بدأ ويجب ان يستمر في المؤسسات بالرقابة والشفافية. دعونا نتعاون جميعا ويبقى السؤال: من اين نبدأ والماء زاد على الطحين؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 830 - الإثنين 13 ديسمبر 2004م الموافق 01 ذي القعدة 1425هـ