مشروع إعادة تأسيس الاتحاد الطلابي مضى عليه الآن عام كامل والطلبة والشباب وتجمعاتهم مازالوا يراوحون مكانهم بسبب تعطل المشروع وعدم تحقيق القائمين عليه لأية إنجازات يمكن تقديرها. بل أدت متابعتهم طوال هذا العام إلى تتبع حوادث وصراعات وخلافات مستمرة ومواجهات إعلامية بين أعضاء اللجنة التحضيرية لم تهدأ إلا أخيراً.
واليوم بعد مرور هذا العام فإنه لابد من وقفة إن لم تكن وقفات أمام هذا المشروع الكبير في الطموح والصغير في الإنجاز من حيث الواقع. وأعتقد بعد متابعتي لطموحات الطلبة والشباب في أن يكون لهم اتحاد طلابي خاص بهم أن الوقت الراهن غير مناسب تماماً لإقامة المشروع والسبب في ذلك هو ضعف الوعي السياسي لدى الطلبة والشباب على رغم اندفاعهم نحو تأسيس التنظيمات الطلابية والشبابية والانخراط فيها، فضعف الوعي أتاح المجال أمام تدخلات السياسة في هذا المشروع، وسمح لبعض القيادات في الجمعيات السياسية تحريك هذا الملف بما يتوافق مع مصالح جمعياتهم السياسية من دون النظر إلى مصلحة الطلبة أنفسهم، وقد ظهر ذلك واضحاً في الكثير من المواقف طوال هذا العام. وإذا كان البعض يتذرع بتجربة الاتحاد الطلابي السابق الذي كان له دور فاعل على الساحة خلال الستينات والسبعينات من القرن الفائت فلابد من الانتباه إلى أن وعي الطلبة في تلك الفترة كان مختلفاً بسبب الاندفاع والحماس من أجل نيل الاستقلال وطرد المستعمر والحصول على هامش من المشاركة السياسية، وهذه الأسباب انتفت الآن.
كذلك من القضايا المهمة المرتبطة بالاتحاد هي أعضاء اللجنة التحضيرية الذين يمثلون التنظيمات الطلابية والشبابية، إذ تقع عليهم المسئولية الكبرى في تأسيس الاتحاد. وهؤلاء أثبتوا عدم قدرتهم على إدارة اللجنة وتسييرها نحو الهدف المطلوب خصوصاً إذا أدركنا أن عاماً كاملاً لإقرار غالبية بنود اللائحة الداخلية للجنة هو كثير للغاية. بالإضافة إلى ذلك فإن الأعضاء انشغلوا بالمسائل والقضايا التي تثار في الساحة الطلابية والشبابية طوال العام مثل: انتخابات مجلس الطلبة، والمسألة الدستورية، وإصلاح التعليم، والفصل بين الجنسين داخل الجامعة، وإشكالات التسجيل فيها. وهذا الانشغال أدى إلى تناسي الهدف الأساسي الذي يعملون من أجله وهو التأسيس للاتحاد. وأصبحت اللجنة التحضيرية تجاوزاً عبارة عن جمعية شبابية متنوعة تضم جميع الأطياف والتوجهات تتخذ مواقف من المستجدات والحوادث التي تشهدها البلاد، وليس غريباً أن يتم طرح مقترح تبني اللجنة التحضيرية الاحتفال بيوم الطالب البحريني مطلع العام المقبل.
وعليه فإن أعضاء اللجنة التحضيرية هم في النهاية ممثلين لتنظيماتهم الشبابية سواءً كانت داخل أو خارج الجمعيات السياسية، وهذه التنظيمات كما هو معروف تواجه مشكلات كثيرة تتعلق بفعاليتها ونشاطها في الساحة المحلية، وضعف التمويل وغياب المقار الدائمة. ومن ثم يمكن القول إنها مازالت بعيدة عن دائرة التأثير والاستقطاب في العمل التنظيمي ولهذا فإنه لا يمكنها تأسيس اتحاد على قوي يضم عدة تنظيمات فاعلة. مثل هذا الطرح قد يكون مخالفاً لآراء الكثيرين من العاملين في المجال الشبابي إلا أنه الواقع المر الذي ينبغي تقبله والإقرار به والسعي الجاد لتغييره.
بالمقابل فإن هناك مسئولية كبرى ملقاة على عاتق الحكومة ترتبط بموضوع الاتحاد الطلابي، فهذا الاتحاد على رغم ما قد يسببه من إزعاج للمؤسسات التعليمية والأكاديمية إلا أنه يعد مدرسة يتعلم فيها الطلبة آليات العمل التنظيمي والقدرة على ممارسة السياسة لزيادة اهتمامهم بالمشاركة السياسية مستقبلاً في قنوات المشاركة الأخرى. وإذا استمر الرفض الحكومي لفكرة إنشاء تنظيم طلابي فاعل على الساحة فإنه سيأتي اليوم الذي يجد فيه الطلبة أنفسهم أمام فكرة العمل الطلابي السري كما كان سابقاً بعد أن ضاقت بهم السبل وصفدت الأبواب في وجوههم
العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ