هل نعتبر قانوني «التجمعات العامة» و«الجمعيات السياسية» مأزقاً للجمعيات السياسية المقاطعة التي بدأت تتوارى شيئا فشيئا عن المشهد والفعل السياسيين؟ أم أنه مأزق المجلس المنتخب الذي لم يستطع أن يصدر قانوناً واحداً طوال سنتين، وحين شرعت إحدى كتله (كتلة المستقلين) بسن قانون يقيد الحريات، ألا وهو قانون «الجمعيات السياسية» تلقفته الحكومة برحابة صدر، وأرسلته إلى المجلس المنتخب في سرعة البرق، بل وأردفته بقانون «التجمعات العامة» حين وجدت حماسا منقطع النظير عند النواب لتقييد حريات من يمثلونهم افتراضيا؟
هل هو مأزق الجمعيات المقاطعة التي قاطعت بناء على قناعتها بأن هذا المجلس عقيم، ومع ذلك تسمح لنفسها من وراء ستار بأن تمرر قوانينها البديلة إليه؟ أم مأزق مجلس النواب الذي استفرغ كل شيء ذي قيمة من جعبته، وبدأ بتكبيل حريات الناس حين لم يجد قدرة على الدفاع عنهم؟ مأزق من بالله عليكم، والرؤية تتكشف يوماً بعد يوم، وتأثيرها المباشر على بقاء القوانين المقيدة للحريات، وعدم قدرة القوى الشعبية والممثلين الافتراضيين للشعب على محاربة الفساد والفقر والبطالة وغيرها من الملفات، إذا لم يكونوا يكرسونها بتقاعسهم؟
بكل صراحة: مشكلتنا في النزعات الحزبية المصلحية التي عطلت مشتركات الوطن القائمة على الهمِّ المشترك، وإن كانت داخلة فيه ضمن أطر حزبية ضيقة، فغابت رؤية الوطن، وسيطرت رؤية الحزب، بل سيطرت رؤية الفرد المسيطر على الحزب، على أمل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي، وتقاسم الكعك. وللأمانة: فقوى سياسية هذا حالها، لا يمكن لها أن تحدث التغيير أو تكون رقما صعبا يدافع عن مصالح الناس، لا من داخل البرلمان ولا من خارجه، فمن يعمل عكس قناعاته إرضاء لمصالحه الحزبية لا يؤمن جانبه
العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ