عراق المستقبل لا يمكن أن يبنى على فصيل واحد أو طيف واحد، بل إن مستقبل العراق رهين تحالف كل الأطياف وكل الأعراق والمذاهب العراقية. جدلية المشاركة والمقاطعة بدأت تأخذ مساراً آخر في العراق، وبدأ ينكسر ذلك الطوق المفروض من تلك الشعارات الفضفاضة التي لم تؤكل العراقيين «عيشاً» ولا رزاً ولا تمراً. يوم أمس ذكرت صحيفة «الحياة» خبراً في صفحتها الأولى (الأحد 12 ديسمبر/ كانون الأول 2004) كان نصه: «الحزب الإسلامي» يخرق المقاطعة السنية، وتقول فيه: «فقد خرق الحزب الإسلامي العراقي المقاطعة السنية للانتخابات أمس بتشكيله منفرداً لائحة انتخابية مكتملة من 275 مترشحاً».
أعتقد أن موقف هذا الحزب هو الموقف الصائب، إذ إن الاستسلام للشعارات القديمة من تخوين الدخول في البرلمان وأنه عمالة للأميركان سيفوّت على الأطياف المعارضة فرصة ذهبية في الحصول على المقاعد، وبالتالي سيجعلهم خارج اللعبة، وسيكتشفون أنهم أصبحوا على رصيف اللعبة السياسية في العراق بعد أن كانوا يلعبون في الملعب ذاته.
مريدو صدام يهمهم كثيراً خلط الأوراق، وأن يجروا بقية الأطياف إلى الاقتتال وخصوصاً بعد أن أصبحوا خارج اللعبة وليس عندهم شيء يخسرونه. أعتقد أن بقية المقاطعين سيكتشفون بعد انتهاء الانتخابات الخسارة الفادحة التي تلقوها بسبب شعاراتهم التي قادتهم إلى الخروج من اللعبة، وسيحسدون الحزب الإسلامي على خروجه من بيت الطاعة وكسر ذلك الحاجز ودخوله في ساحة الفعل.
كل الأمل في أن يشارك العراقيون كل العراقيين في بناء بلدهم بعيداً عن مزايدات القطط السمان وخصوصاً الجالسات على مقاعد الحرير ممن يدفعون الشعب العراقي إلى المحرقة وهم يتفرجون عليه عبر شاشات التلفاز.
سبحان الله مغيّر الأحوال... فعلاً الزمن له دورات... هكذا قرأت الواقع وانقدح في ذهني تبدل الأحوال وأنا جالس بمعية الاخوان مع السيدعبدالعزيز الحكيم يوم أمس في قصر الشيخ حمد بالقضيبية... بالأمس كنت أشاهد السيدعبدالعزيز الحكيم في إيران غريباً بعيداً عن أرضه في العراق، وصدام يتقلب فرحاً في 43 قصراً في العراق... اليوم الحكيم يُستقبل في الدول وفي البحرين كما يستقبل الملوك والرؤساء وصدام قابع في الأسر. لاشك أن ذلك يبرر الحال الهستيرية التي منيت بها بعض الكاتبات، فكل يوم تبيض لنا مقالاً خرافياً ينز حزناً وألماً على العراق، وعلى تلك الليالي الملاح من مجد حارس البوابة الشرقية.
جلسنا مع الحكيم، فكان أول سؤال يسأله عن الشعب البحريني وعن الشيخ عبدالأمير الجمري، وكان ينوي أن يزوره في بيته للاطمئنان عليه، بيد أن الشيخ (عافاه الله) في المستشفى. الوفد القادم كان ملحّاً على الالتقاء بالشيخ الجمري، وهذا يعكس مدى ارتباط عائلة الحكيم بالشعب البحريني حكومة وشعباً.
طبعاً، المجتمع البحريني فرح للحفاوة التي تقدمها الدولة تجاه العراقيين وخصوصاً رموزهم الدينية والسياسية وكذلك للمرجعية المتمثلة في السيدالسيستاني (حفظه الله) عندما بادرت بابتعاث سفير البحرين في بريطانيا لزيارته في المستشفى، وإيصال تقدير جلالة الملك للسيدالسيستاني. كلام السيدعبدالعزيز الحكيم في اللقاء يدعو إلى الأمل والتفاؤل بمستقبل واعد في العراق.
أقول: يجب أن يخرج الجميع من الشعاراتية إلى الواقعية، فالعراق لا يقوم إلا على يد أبنائه وهكذا تكون الأيام، رحل صدام وجاء الحكيم والياور لصناعة عراق جديد، عراق التعددية والحرية حتى زوال الاحتلال
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ