العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ

من يضمن لنا عدالة توزيع البيوت الجديدة؟

أهالي المقشع يسألون الجهات المعنية:

في قرية المقشع يطلق الأهالي صرخات استغاثة، فمشروع تطوير القرية جاء تنفيذا للأمر الملكي السامي لتصبح قرية إسكانية نموذجية، بعد زيارة سمو ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة للقرية، وبلغت كلفة المشروع ما يقارب مليونين و270 ألف دينار. وقامت لجنة متخصصة من المهندسين في وزارة الإسكان في مختلف المجالات بإعداد الدراسات اللازمة لعمليات تخطيط وتطوير القرية من خلال المشروع الذي شمل بناء 91 وحدة سكنية في القرية.

هذا المشروع الذي كان أحد الأحلام الكبرى للأهالي، أصبح هاجسا يؤرقهم، والمشكلة لا تكمن في المشروع ذاته، فالمشروع أمل طالما راود الأهالي، ولكن على من ستوزع هذه البيوت؟، ومن المسئول عن التوزيع؟، ومن يضمن عدالة التوزيع ؟، أسئلة كثيرة ترددت على ألسنة أهالي المقشع.

نساء القرية تتحدث

قبل أن نسمع الأهالي أردنا معرفة كيف ستوزع هذه البيوت، اتصلنا بنائب المنطقة - عضو مجلس النواب - جاسم الموالي الذي قال بكلمات مقتضبة: «كل صاحب وثيقة بيت في القرية القديمة سيحصل على بيت جديد، ما يشاع عن توقف عن المشروع الإسكاني خطأ، فالمشروع لم يتوقف، ولا أدري لماذا تركز الصحافة على السلبيات؟، وكل ما أريد قوله إنه سيتم توزيع بيوت المشروع - 91 بيتاً - في الفترة القريبة القادمة على الأهالي، وأن الأهالي في تمام الرضا ولا توجد مشكلات».

استجابة لصرخات الأهالي المستغيثة، التقت «الوسط» بهم، بدأ الأهالي يخرجون من بيوتهم، أكثرهم يريدون الحديث إلى الصحافة ليبثوا إليها همومهم، الجميل والغريب في هذا اللقاء هو حماس نساء القرية في توصيل مشكلاتهن للصحافة، أكثرهن خرجن من بيوتهن يطلبن الحديث إلى الصحافة وشرح معاناتهن.

أليس من حقي؟

زينب عبد الجبار تقول: «أنا أول من تحدثت مع سمو ولي العهد عندما زار قريتنا، حدثته عن منزلنا المؤجر وعن منزل عائلة زوجي المشترك الملكية، ووعدني خيرا ثم جاءت المكرمة، وعلى الرغم من ذلك فأنا أخشى ألا نحصل على بيت، لأنني لا أعرف كيف سيتم التوزيع»؟.

وتضيف زينب: «كنت أعيش مع أربع عوائل في بيت والد زوجي، كل عائلة تتكدس بأطفالها في غرفة واحدة، في بيت إيجار قديم ومتهالك، ثم انتقلنا أنا وزوجي وأطفالي الثلاثة لنعيش في بيت والدي في غرفة واحدة أيضا، بعد أن ضاق البيت السابق علينا، وأصبحنا لا نقوى على المعيشة معهم، وربما نكون العائلة الوحيدة في المقشع التي لا تملك عقارا خاصا، وحملنا مشكلتنا إلى المسئولين في الصندوق الخيري في المنطقة، وطالبناهم بالحديث بأن نشمل ضمن الفئة التي تصرف لهم وزارة الإسكان إيجاراتهم ، ولكنهم رفضوا مؤكدين أننا لا نصنف ضمن هذه الفئة، رأيت البيوت وهي تبنى أمام عيني، وأحلم ببيت أعيش فيه مع زوجي وأولادي الذين حرموا من حقهم الطبيعي في اللعب، فأين يمكن أن يلعبوا ونحن نعيش في غرفة واحدة؟، أليس من حقي بعد أن بذلت قصارى جهدي في توصيل مشكلتنا إلى سمو ولي العهد، وخصوصاً ونحن عائلة لا نملك أي عقارا أن نحصل على بيت»؟.

خلاف مع النائب

علي إدريس - صاحب تاكسي متقاعد - يقول: «ما نسمعه عن توزيع هذه البيوت يجعلنا نشعر أن التوزيع لن يكون منصفا للأهالي، فالمفروض أن توزع هذه البيوت على أهالي المقشع فقط، ونحن سمعنا أن التوزيع سيشمل بيتين لعائلة من كرانة وأخرى من النويدرات، فكيف يحدث هذا، هل يعقل أن توزع البيوت على عائلات ليست من المقشع، وتسلب حقوق أهالي القرية؟، زوج شقيقتي قامت الإسكان بهدم بيته من أجل تنفيذ المشروع، وهي تصرف له شهريا 100 دينار إيجار للبيت الذي يسكن فيه مع عائلته الآن، وعندما ذهب لنائب المنطقة يسأله عن حقه في الحصول على بيت قال له: «أنت ليس لك حق».

وهنا تحدثت شقيقته: «نعم كل ما يقوله شقيقي حدث، زوجي يعمل فراشا في مدرسة، راتبه 200 دينار، قامت وزارة الإسكان بهدم بيتنا لتنفيذ المشروع، وتصرف لنا شهريا 100 دينار للإيجار الشهري، لهذا البيت الذي نعيش فيه منذ عام، عندما سأل زوجي عن حقه في الحصول على بيت، قالوا له إن نائب المنطقة جاسم الموالي هو الذي سيحدد التوزيع، ورفض النائب حصولنا على بيت لأنه على خلاف مع زوجي».

خسرنا كل شيء

وتضم أم جاسم صوتها لهم وتقول: «زوجي محمد جاسم رضي يعمل موظفا في وزارة الزراعة، يتقاضى راتبا قدره 300 دينار، ونحن عائلة مكونة من ستة أفراد، شقيقة زوجي تعيش معنا، هدمت وزارة الإسكان بيتنا، وتصرف لنا 100 دينار شهريا للإيجار، ذهبنا إلى المحافظة الشمالية للتأكد من حصولنا على بيت، قالوا لنا إن التوزيع في يد نائب المنطقة، المبلغ الذي تصرفه لنا وزارة الإسكان سيتوقف قريبا، ونخشى أن يتوقف المبلغ ولا نحصل على بيت، وبهذا نكون خسرنا كل شيء، البيت والإيجار معا.

«نحن عائلة تتكون من 32 فرداً» بحزن تحدثت أم حمزة زوجة جاسم عبد النبي.

وتواصل حديثها: «كل عائلة تعيش في غرفة ولها حمام مستقل، ويفترش والد زوجي المجلس مع أولاده غير المتزوجين، لدى زوجي قسيمة أرض منذ العام 1989، وأعلنت وزارة الإسكان إنه لا توجد أراض، وإن كل من يمتلك قسيمة أرض يأتي ليغيرها إلى بيت مع الاحتفاظ بتاريخ الطلب القديم، وفوجئنا أنهم غيروا لنا التاريخ لطلبنا، إذ أصبح الطلب الجديد بتاريخ 1994، أي خمس سنوات إضافية للطلب، وهذا يعني مزيداً من سنوات التأخير في الحصول على البيت، الحالة المادية لعائلة زوجي ضعيفة للغاية، ولا نعرف هل سنحصل على بيت أم لا ؟، نسمع أن البيوت تم توزيعها، ولا نعرف هل نحن في القائمة المستحقة أم لا»؟

انعدام الاستقلالية

وتشكو أم أحمد - زوجة محمد إدريس الموالي - الذي يعمل مزارعا في وزارة الصحة من أنها تعيش ضمن ثلاث عوائل في بيت غير صحي، ولا يصلح للمعيشة.

وتسأل: «لو أعطونا بيتا واحدا كيف سنعيش فيه، والبيت لا يصلح سوى لعائلة واحدة فقط لأنه لا يوجد فيه استقلالية».

وتضيف: «لا توجد اجتماعات بين نائب المنطقة والأهالي، ولا نعرف كيف سيتم توزيع البيوت، نطالب وزارة الإسكان أن تطلع الأهالي على آلية توزيع هذه الوحدات، كما نتمنى أن يتم توزيع البيوت وفقا لأقدمية تقديم الطلبات الإسكانية، أو بأية وسيلة تضمن تحقيق العدل والإنصاف للأهالي.

إشراف رسمي

في إحدى الزوايا جلس بعض رجال القرية، تحدثنا إليهم لنعرف رأيهم في مشكلة توزيع البيوت.

علي حسن - متقاعد - يقول: «جاءت هذه المكرمة الملكية السامية لتطوير القرية، ولإعطاء أهالي المقشع الفرصة لمعيشة أفضل ضمن بيوت سكنية أكبر، ولكن نظرا لعدم ثقة بعض الأهالي في عدالة توزيع هذه الوحدات، ولعدم معرفتهم بالأسس التي ستوزع الوحدات من خلالها، بدأ بعض الأهالي بالتلاعب، على سبيل المثال، هناك من كتب بيته باسم ولده، وهناك من راح يقسم بيته إلى قسيمتين للحصول على بيتين، وليس بيتا واحدا، وهذا التلاعب متوقع في ظل عدم الشعور بالأمان من عدالة التوزيع، ولذلك فنحن نطالب بإشراف رسمي من قبل الجهات المعنية على التوزيع لضمان أن هذه الوحدات سوف تخصص لمستحقيها».

ويسأل: «لماذا لا تشمل هذه المكرمة كل أهالي المقشع؟، نحن على يقين أن المكرمة الملكية السامية يمكن أن تسعنا جميعا، فكلنا بحاجة إلى التوسعة، والعيش باستقلالية، وبدلا من أن يبلغ عدد الوحدات السكنية 91 وحدة يمتد ليشمل كل الأهالي، حتى لا تحدث فرقة وخلافات بين أبناء القرية الوحدة من أجل التنافس على هذه الوحدات، وسؤال أخر أريد طرحه، أكثر بيوت القرية تعيش فيها ثلاث عائلات فأكثر، فمن سيعيش في هذا البيت الجديد؟، وخصوصاً أنه لايتمتع بالاستقلالية المطلوبة لمعيشة عدة عائلات»؟.

وضم جعفر الموالي صوته لصوت علي وطالب بإعلان الحقائق للناس، معلقا: «جميع الاجتماعات الخاصة بتوزيع هذه الوحدات سرية، ونطالب نائب المنطقة ووزارة الإسكان بشرح آلية التوزيع للأهالي».

لضمان العدالة

وحتى تكتمل الصورة اتصلنا بعضو مجلس النواب جاسم الموالي، وخلال اتصال هاتفي، وقبل أن يسمع شكاوى أهالي القرية ليعلق عليها، قال منهيا المكالمة: «أنا خارج البحرين».

في الوقت الذي أبدى فيه محافظ المحافظة الشمالية أحمد بن سلوم تعاونا كبيرا، وقد علق على خوف أهالي المقشع من عدم الإنصاف في توزيع الوحدات السكنية: «عقدنا خلال الشهر الماضي اجتماعا حضره وزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر، ورئيس المجلس البلدي مجيد السيد علي، ونائب المنطقة جاسم الموالي، وممثلين عن الصندوق الخيري في المنطقة، وممثلين لمؤسسات المجتمع المدني، وتم الاتفاق بتولية نائب المنطقة جاسم الموالي، ورئيس المجلس البلدي مجيد السيد مسئولية توزيع هذه الوحدات على اعتبار أنهما أكثر دراية بمعرفة المستحقين في المقشع، وكان الهدف من وضع مسئولية التوزيع على عاتق النائب ورئيس المجلس البلدي هو تحقيق العدالة والإنصاف في التوزيع».

النائب يتحمل المسئولية

التقينا برئيس المجلس البلدي للمنطقة مجيد السيد علي الذي قال: «في اجتماع عقد في الشهر الماضي طلب وزير الأشغال والإسكان وضع تصور لتوزيع هذه الوحدات السكنية، وفي الأسبوع الماضي عُقد اجتماع ترأسته، وأحضر نائب المنطقة جاسم الموالي 21 فردا قال إنهم يمثلون أهالي المقشع، ولذلك فهو يقع عليه مسئولية مدى صدقية هل هؤلاء الأشخاص يمثلون الأهالي حقا أم لا، لأنهم من اختياره، وطرحت الكثير من السيناريوهات في آلية التوزيع، ولم يتم الاتفاق على واحدة منها، وتم الاتفاق على أن في حالة عدم الاتفاق على آلية محددة لتوزيع هذه الوحدات السكنية، ستقوم وزارة الإسكان بالتوزيع».

ويضيف: «تم تحديد اجتماع آخر، ولكن نظرا لمرضي لم استطع الحضور، وكان المفروض أن يطلعني النائب على ما دار في الاجتماع ولكنه لم يتصل بي، ولم يخبرني بشيء، ولذلك لا أعرف ما تم التوصل إليه بالتحديد، وفي رأيي أن سكان القرية يختلفون في فهم المكرمة السامية، ومن هم مستحقوها، وكل فرد يحمل من التمنيات ما يجعله يشعر بحقه في هذه المكرمة، ولا أعرف هل من حق الذين استلموا تعويضا عن هدم بيوتهم في الحصول على وحدات سكنية أم لا»؟.

وحدات سكنية صحية

وكانت وزارة الأشغال والإسكان قامت بتقسيم إنشاء الوحدات السكنية إلى مرحلتين وذلك بسبب الحاجة إلى تغيير مسار بعض الخدمات الموجودة وإزالة وهدم بعض البيوت القديمة. وتم في المرحلة الأولى إنشاء 39 وحدة سكنية في شهر ابريل/ نيسان الماضي، ثم المرحلة الثانية التي شملت 52 وحدة سكنية.

وتتكون بيوت المقشع الجديدة من طابقين، الطابق الأرضي و يشتمل على ثلاث غرف نوم وحمام ومطبخ وفناء خلفي، والطابق العلوي فيه أربع غرف نوم وحمامان وحرصت وزارة الإسكان في المشروع على أن يكون تصميم المنازل ذا طابع قروي حديث يحافظ على ملامح القرية البحرينية.

ويأتي هذا المشروع مراعاة لاهالي قرية المقشع الذين يعانون من أحوال معيشية سيئة تمنعهم من العيش في سكن صحي مناسب، كما روعى فيها دمج واجهات الوحدات السكنية بصورة مختلفة لتعطي تنوعا في الواجهات إضافة إلى مرونة التعامل مع قطع الأراضي المتجاورة المقامة عليها الوحدات السكنية بحسب أبعاد وموقع كل قطعة.

الكثير من الأقوال تتردد في القرية، فهناك من يؤكد على أن الأولوية في الاستفادة من الوحدات السكنية ستكون للأهالي الذين هُدمت منازلهم لتشييد منازل جديدة لأنهم يسكنون حاليا في شقق مؤجرة ويقدرون بـ 14 عائلة،وهناك من يزعم أن أول المستفيدين أهالي القرية ممن يعيشون حاليا في منازل مكتظة بأفرادها وأصحاب المنازل القديمة والرديئة البناء، ولا أحد يعرف ما هي الحقيقة، ومن سينصف في التوزيع ومن هو المظلوم؟

العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً