طعنت النيابة العامة أمام محكمة التمييز، في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف العليا، والقاضي بتبرئة متهمين آسيويين من تهمة الاتجار في المخدرات، وإلغاء حكم صادر ضدهما بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمهما خمسة آلاف دينار لكل منهما، وتسفيرهما من البلاد.
وأشارت النيابة الي أن المحكمة الكبرى الجنائية قضت بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن عشر سنوات وتغريم كل منهما خمسة آلاف دينار وأمرت بابعادهما نهائيا عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة.
وان المتهمين لم يرتضيا هذا الحكم فطعن كل منهما عليه بالاستئناف وقضت محكمة الاستئناف العليا بقبول الاستئناف وبإلغاء الحكم المستأنف . وبنت قضاءها المتقدم على أساس انتفاء حالة التلبس.
وقالت المحكمة إن الثابت في التحقيقات ان أياً من مأموري الضبط شهود الاثبات قد شاهد وادرك بحواسه حالة التلبس كما انه لم تسبقه تحريات جدية واستصدار اذن من النيابة ومن ثم فإن ما أسفر عنه هذا الاجراء باطل ومخالفة للقانون. وان اعتراف المتهمين في تحقيقات النيابة العامة لا تطمئن اليه وتطرحه لكون ان المتهمين اجنبيان ولم يبين وكيل النيابة المحقق اللغة التي وجه بها التهم لهما وكيفية استجوابهما ولم يثبت انه استعان بمترجم اثناء التحقيق وقد .
و اشارت النيابة إلى أن ما اوردته المحكمة مخالف للقانون، ذلك انه لا يشترط ان يشاهد مأمور الضبط القضائي الجريمة وقت ارتكابها وانما يكفي ان يشاهدها بعد ارتكابها بمدة يسيرة. وهو ما حدث كما أكدت النيابة ان مأموري الضبط قد حصلوا على اذن من النيابة بتاريخ 25 أغسطس/ آب 2003 .
وكانت المحكمة قد قضت ببراءة المتهمين دون ان تعرض لهذا الدليل وتدلي برأيها فيه بما يفيد على الأقل انها فطنت اليه ووزنته ولم تقتنع به، بل ان ما ساقته في أسباب حكمها قاطع في انها لم تفطن إلى وجود هذا الاذن بالأوراق إذ لو فطنت لوجوده لما لامت مأموري الضبط على عدم حصولهم على اذن من النيابة بالتفتيش على رغم وجوده بالدعوى، وخصوصاً أن النيابة قد اشارت إليه في قائمة أدلة الاثبات المقدمة منها للمحكمة. كما قالت النيابة إن هناك فساداً في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج، إذ اشارت إلى مسألة عدم وجود مترجم أثناء التحقيق، قائلة ان اجراءات التحقيق تتم باللغة العربية، ومن ثم فإن قرينة تحدث المتهم بهذه اللغة تكون هي الأصل، ما لم يثبت وكيل النيابة أن المتهم لا يجيد اللغة العربية فله أن يستعين بمترجم إذ إن نص المادة 88 من قانون الاجراءات الجنائية قد جرى على انه «يجرى التحقيق باللغة العربية، ولعضو النيابة العامة أن يستعين بمترجم (...) اذا كان المتهم أو الشاهد يجهل العربية». ولما كانت النيابة خصماً شريفاً وكان الثابت من التحقيقات التي أجرتها ان وكيل النيابة مثل امامه المتهمان فسألهما عما اذا كان لديهما محام يحضر معهما إجراء التحقيق فأجاباه بالنفي فاستجوبهما دون الاستعانة بمترجم فإن ذلك يدل على أن المتهمين يجيدان اللغة العربية وان النيابة لم تغفل عن هذا الإجراء، ويكون الاستجواب تم طبقاً للقانون. وما يقطع بإجادة المتهمين للغة العربية ان احد المتهمين قد وقع على محضر استجوابه باللغة العربية كما تم تجديد أمر حبسهما امام المحكمة الصغرى ثم أمام المحكمة الكبرى دون ان تستعين أي منهما بمترجم. بل ان محكمة الاستئناف العليا التي ابطلت اعتراف المتهمين بارتكاب الجريمة لعدم استعانة النيابة بمترجم عند استجوابهما لم تستعن هي بمترجم عند محاكمتهما على رغم انها الملاذ الأخير للمتهمين، وقد خلت محاضر جلساتها من دليل على انها استعانت بمترجم ومن ثم فإن البطلان الذي شهرته في وجه النيابة - وبفرض وجوده - يتعين ان يمتد ليشمل حكمها وللسبب ذاته.
وطلبت النيابة العامة من محكمة التمييز، قبول الطعن شكلا لرفعه في الميعاد المقرر قانوناً، وبتمييز الحكم المطعون عليه للخطأ في تطبيق القانون وللقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وللفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج وإعادة الدعوى من بعد إلى محكمة الاستئناف العليا بهيئة مغايرة للفصل في الاستئنافين من جديد
العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ