التعهد الذي أخذته الأمانة العامة لمجلس النواب قبل أيام على الموظفين يعطي انطباعات غير مريحة عن المناخ الموجود داخل مجلس النواب، ويعكس أزمة الثقة العميقة سواء بين النواب أنفسهم، أو بين الموظفين في مختلف الأقسام، كما يعكس واقع التمييز والامتيازات القائم على إبعاد الكفاءات وتقريب أصحاب الواسطات، فمجلس النواب ليس استثناء من واقع التمييز والامتيازات داخل أجهزة الدولة، ولو كشف الغطاء عنه، ما ازددنا إلا يقينا برسوخ هذه السياسة داخل مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسة التي تمثل الشعب افتراضيا.

التعهد الذي يهدد الموظفين بالفصل، بمقدار ما يعكس أزمة الثقة، فإنه يعكس التخبط الحاصل داخل مجلس النواب، وهو ليس ببعيد عن الأجواء المشحونة بين النواب أنفسهم، وما تخلقه من تكتلات في صفوف الموظفين، وخصوصا إذا كان الموظف مقربا لدى هذه الكتلة أو تلك، أما الفئة الصامتة داخل المجلس، فهي الفئة التي تخاف على لقمة عيشها، لأنها لا تجد من يناصرها إذا تكلمت دفاعا عن حقوقها.

التعهد الذي أريد أخذه عنوة وعلى عجل من الموظفين هو أشبه بالابتزاز القائم على سوء استخدام الصلاحيات، وبمقدار ما يعكس عدم ثقة المجلس في إجراءاته، فإنه يعكس حجم الإخفاق المدوي في تمثيل الشعب وطرح قضاياه، وبدل كشف الحقيقة للمواطنين والتعامل بشفافية معهم، يضيِّق الموظفون الكبار الخناق على الموظفين الصغار بغية عدم تسريب المعلومات، لأن تجارب تسريب بعض الملفات إلى الرأي العام كانت مخزية وفاضحة، ومنها ملف التأمينات والتقاعد وعلاوة بدل السفر و10 آلاف دينار وغيرها.

التعهد في النهاية يكشف أن أزمة النواب مع بعضهم بعضا وصلت إلى طريق مسدود، ولم يبق إلا الكيد بالطرق الشرعية وغيرها للانتصار إلى المواقف، وهو تجل فعلي للصراعات الكبيرة التي تحدث في مجلس النواب، وينفذها كبار الموظفين ضد صغارهم