كشف وزير العمل مجيد العلوي في تصريح نشرته صحيفة «الوسطبتاريخ 12 مارس /آذار الجاري ، عن خطة الوزارة المتكاملة مع ديوان الخدمة المدنية وصندوق العمل، لتوظيف «العاطلين الجامعيين» المسجلين لدى الوزارة، وهم خارج قائمة الـ1912 الموجودة لدى صندوق العمل، على أن تعرض الخطة على مجلس الوزراء حال الانتهاء منها.
وقد أسهب الوزير في أهمية هذه الخطة المتكاملة، لتوظيف العاطلين الجامعيين، ولكنه لم يسهب عن مصير «العاملين الجامعيين» في غير تخصصهم، وعن خطة الوزارة لتعديل أوضاعهم، ووضعهم في المكان المناسب لدراستهم.
وهذا التصريح يعدّ خطيرا جدا في ملف الجامعيين، فليس المهم نوع التخصص ولكن المهم أي عمل والسلام، حتى لا يحاسب مسئول أو جهة معيّنة في الدولة عن ملف التوظيف.
والكل يعلم بأن القصد من وراء الدراسة الجامعية هو الرقي بالمستوى الحالي إلى مستوى أفضل، ومن ثمّ تحسين الوضع المعيشي لطبقة النخبة، إذ يصنّف الجامعيون على أنهم من هذه الطبقة، ولكن في الواقع المعيشي نجد إحباطاتهم وفجوات عدم عملهم في مجال تخصصهم تزداد كل يوم.
حتى بات الجامعي يغسل السيارات، ويبيع في المطاعم، وذلك لعدم توافر الوظيفة الشاغرة في مجال تخصّصه، وبالتالي من الواجب عليه أن يمسك بالوظيفة التي تعيله، فهو لن يظهر من مستنقع عدم فائدة الشهادة الجامعية!
كثيرٌ من المحبطين اتصلوا بنا أو أرسلوا لنا بريدا إلكترونيا، يشكون فيه من حالهم الصعب، ويبكون مرارة تعب الدراسة وعدم الحصول على ما يريدونه.
أهو الحظ الذي يلعب دوره السيئ معهم، أم أنهم أنهوا دراستهم في ظل ظروف عدم تكافؤ الفرص؟، أم أنها الخطط الفاشلة من قبل الوزارة بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية وصندوق العمل، وعدم الموازنة الصحيحة في توظيف الجامعيين وفقا لدراساتهم!
وكلنا نعلم بأن إحدى الدوائر الرسمية البحرينية وللأسف الشديد، قامت منذ فترة بإعلان وظائف شاغرة لمحاسبين في المملكة الأردنية الهاشمية، على رغم وجود خريجي المحاسبة من أبناء الوطن الكرام!
هل يعقل أن يعلّق الجامعي شهادته في حائط بيته، ويقوم بأعمال أخرى مثل غسل السيارات والبيع في المحلات أو موظّف أمن في إحدى الشركات، ويدرج على أنه عامل، أليس الأجدر بالوزارة التعاون مع ديوان الخدمة المدنية وصندوق العمل لوضع الخطط لهؤلاء التائهين.
نعم التائهون بين الشهادة الجامعية وعدم العمل بها، تحت قسوة ظروف الحياة، وخط الفقر الذي تتكلم عنه وزيرة التنمية... ألا يجدر بنا فتح باب التسجيل للعاملين في غير تخصصاتهم، حتى نشعرهم بأهمية ما درسوه، وأنه لن يضيع هباء منثورا!
أحد الإخوة كتب لنا يقول بأنه اتصل بقسم التوظيف في وزارة العمل، إذ كان يظن بأنهم سيدرجونه تحت سجلات العاطلين، حتى تسعى الوزارة لتحقيق حلمه وتوظيفه في إحدى الشركات أو المؤسسات التي تطلب تخصصه، ولكن إجابة موظّف التوظيف لم تثمر إلا الألم في قلب صاحبنا هذا.
إذ قال له الموظّف بأنه لا يمكن إدراج «الجامعيين العاملين»، ولكنهم يستقبلون «الجامعيين العاطلين»، وتبادر لهذا الرجل أن يخرج من الوظيفة الحالية البعيدة بعد الشمس عن القمر من تخصّصه الدراسي، حتى يدرج اسمه في اللائحة، وتهتم به الوزارة أكثر!
ولكننا نعتقد بأنّ ملف التوظيف يشوبه التخبّط والعشوائية، ولا تستطيع المؤسسات الثلاث أن تلمّه بالطريقة الصحيحة، فالجامعيون العاطلون أيضا في خوف من مصيرهم المجهول، الذي لاقاه أصحابهم من قَبلهم كبائعين ومغسّلين للسيارات!
نتمنى من القائمين على ملف التوظيف أن يكونوا أكثر دقة في نوعية الأعمال المطروحة لـ»العاطلين الجامعيين»، وكذلك الاهتمام بـ»الجامعيين العاملين» تحت سقف البطالة المقنّنة، حتى يأخذ كل مواطن حقّه ونصيبه في المكان المناسب.
فالعملية لا تنتهي عند تقليل نسبة البطالة، بل تبدأ منها عند الاهتمام بـ»الجامعيين العاملين» في أماكن تناسب شهاداتهم، وخاصة أنهم باتوا مخنوقين ويائسين من انفراج الهم في يوم من الأيام!
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2385 - الثلثاء 17 مارس 2009م الموافق 20 ربيع الاول 1430هـ