العدد 825 - الأربعاء 08 ديسمبر 2004م الموافق 25 شوال 1425هـ

الفيصل يطالب العرب باعتناق ثقافة التغيير الذاتي

خلال افتتاح أعمال المؤتمر الثالث للفكر العربي بمراكش

مراكش - المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

احتضنت أخيراً مدينة مراكش المغربية أعمال المؤتمر الثالث لمؤسسة الفكر العربي التي تميزت بحضور الكثير من الشخصيات العربية المنتمية إلى عالم السياسة والفكر والاقتصاد والإعلام يتقدمهم أمير منطقة عسير رئيس مجلس ادارة مؤسسة الفكر العربي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.

«الوسط» التي واكبت مختلف فعاليات أعمال المؤتمر ستعمل خلال الأيام المقبلة على نشر أهم الأنشطة والمداخلات والتي كان من أهمها كلمة رئيس مؤسسة الفكر الأمير خالد الفيصل.

فقد أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن الديمقراطية ثقافة للحرية والعقلانية والمواطنة المسئولة قبل أن تكون مؤسسات وآليات.

وقال العاهل المغربي في رسالته التي قرأها عنه بالنيابة شقيقه الأمير رشيد بن الحسن «إن الديمقراطية، التي نعمل على بنائها، تظل في جوهرها، وقبل أن تكون مؤسسات وآليات، ثقافة للحرية والعقلانية، والمواطنة المسئولة، واحترام القانون».

واعتبر محمد السادس في كلمته أن الفكر الجديد مرتبط بالديمقراطية والاقتصاد والتربية، باعتبارها جوهر التغيير المنشود، مؤكدا أن هذا الفكر لن يتأتى له الإسهام في البناء الديمقراطي التنموي «إلا إذا كان عاملا على التعبئة، وبعث روح الأمل والتضامن، في مشروعات مجتمعية، تستهدف تحرير العقول والطاقات، لخلق الثروات، وإبداع مختلف التعبيرات الثقافية والفنية، وصيانة هويتنا الحضارية».

وبعد أن نوه بمبادرة مؤسسة الفكر العربي عقد مؤتمرها بالمغرب قال محمد السادس «إن هذا التوجه المصيري، يقتضي من المفكر العربي النهوض بدوره كاملا، بوصفه الضمير الحي للأمة، ووعيها الشقي أحيانا. وهو ما يتطلب من المثقف الالتزام والقرب من قضايا الناس، من دون السقوط في الشعبوية، مع التحلي بالتجرد الفكري، من دون الانزواء في برج عاجي»، مشددا على أن التنمية القوية والمستدامة للخروج من التخلف الاجتماعي تظل رهينة بسيادة القيم الثقافية المحفزة لها، كالمبادرة الحرة، والاستحقاق والشفافية، والإنتاجية والتنافسية، وحسن التدبير، والاقتصاد الاجتماعي.

من جانبه أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أن «الأمة العربية مازالت مطالبة بالحسم في أمرها بين خيارين: إما أن تعتنق ثقافة التغيير الذاتي فتعيد النظر في حاضرها وتعمل على اللحاق بقطار العصر، وإما أن تضطر إلى قبول تغيير ثقافتها بأيدي الغير تحت ذريعة أن الكل يؤثر في الكل داخل القرية الكونية وضمن تشكيلة العالم الجديد».

وقال سمو الأمير خالد الفيصل في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر الثالث للفكر العربي التي نظمت في الفترة ما بين 1 و4 ديسمبر/ كانون الأول الجاري «كلنا على علم بمشروعات التغيير والإصلاح التي انهالت علينا من الشرق والغرب والتي لاقت جدلا واسعا في الدائرتين العربية والدولية بين الرفض والقبول وبين الدعوة الى التخلص من الحساسيات والنظر في تلك البضاعة الوافدة بموضوعية، للأخذ منها بالقدر الملائم لنا».

وأبرز الأمير خالد أن «التغيير سنة كونية وضرورة حتمية، وأن تغيير الحاضر لمجرد التغيير مشروع فاشل، أما التغيير الحقيقي فهو الذي يستهدف تطوير الواقع والارتقاء بالإنسان وتذليل سبل الحياة أمامه، وأن ينظر إلى الثقافة باعتبارها المعين الأساسي لنشاطه الفكري والعملي على السواء، كما يؤمن بأن تلاقح الثقافات يمثل دائما الدافع لعجلة الحضارة الإنسانية»، مشيرا إلى أن مؤسسة الفكر العربي إذ تطرح ملف ثقافة التغيير إنما تفي بعهدها بأن تكون مظلة حرة للحوار الحضاري البناء بين كل فصائل الرأي وتستشعر واجب التداعي وخصوصاً عند مداهمة الخطر. ويرى رئيس مؤسسة الفكر العربي أن السؤال الأكثر إلحاحاً الآن في الأزمة العربية الراهنة يتجلى في القدرة على الاقتناع بثقافة التغيير بمعنى التطوير والإصلاح ومراجعة الواقع وتعديله مع ما يتطلبه ذلك من جهود حقيقية وقرارات شجاعة على أرض الواقع للدخول الفاعل إلى مشروع الإصلاح العربي.

وذكر أن مؤسسة الفكر العربي نظمت الملتقى العربي الأول للتربية والتعليم ببيروت خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، وتستعد لتنظيم الملتقى الثاني في بيروت في مطلع شهر مارس/ آذار المقبل، والملتقى العربي للترجمة بالعاصمة اللبنانية خلال شهر أبريل/ نيسان المقبل، كما أنها تبنت طبع ونشر وتوزيع خمسين أطروحة دكتوراه سنويا للباحثين العرب في الجامعات العربية وغير العربية وبكل اللغات. ويُذكر أن المؤتمر الثالث لمؤسسة الفكر العربي ناقش على امتداد أيامه الأربعة وخلال جلساته الرئيسية أربعة مواضيع تتمحور حول ثقافة التغيير ونماذجه عند العرب وغيرهم ومنهج التغيير الثقافي وآلياته والمستقبل العربي في ظل ثقافة التغيير. كما أعقبت الجلسات الرئيسية لقاءات حوارية مع شخصيات عربية وعالمية بارزة، فيما خصصت ندوتا الإعلام لمناقشة موضوع تأثير الفضائيات على الثقافة العربية وكيف يتعامل الإعلام غير العربي مع هذه الثقافة، في حين ناقش في إطار ندوتين أخريين مواضيع عن رؤية الشباب ومفهومه لثقافته على ضوء الانفتاح على الثقافات العالمية.

وفضلا عن ذلك، تم تنظيم عدة ندوات وإلقاء مجموعة من المحاضرات وتناوُل الكثير من الملفات المقدمة للنقاش من طرف الحكومات والمؤسسات الفكرية والمنظمات الدولية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً