لكل زمن من الأزمان رواد من الناس (الملاقيف)... والفضوليين، وهم فئة من المجتمع مثل غيرها لا تستطيع أن تفصل كل واحد عن الآخر، فهم مثل بعض الحشرات لهم من الحسنات ما لهم، وعليهم من السيئات ما عليهم... ولكن للأسف سيئاتهم تغلب على حسناتهم وهذه هي مشكلتهم.
كما هي الحال بالضبط مع فئة أخرى من المجتمع يطلق عليهم أهل المحرق (أمهات العلوم)، فهم مهمتهم الأساسية نقل العلوم، أي الأخبار وبأية طريقة وأي ثمن وبأسرع مما تتصور، إلى درجة أنه لا يستطيع أن ينام وعنده خبر... بالضبط مثل الدجاجة التي تريد أن تبيض... فلا ترتاح إلا إذا باضت وافتكت، وللعلم نقل هذه الأخبار لا يزيد من رصيد ناقليه من شيء سوى الأسبقية فقط!
فلا أحد يستطيع أن يتخيل ما للتطور من خدمة، والذي يصل أحياناً إلى أن يخدم فئة من الناس مثل هذه التي أطلقنا عليها (أمهات العلوم)، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن التطور كريم ويشمل الكل ولا يستثني أحدا!
مفاد هذه المقدمة هو بعض الناس الذين ينذرون أنفسهم لتوزيع آخر الأخبار والشائعات على هواتفنا النقالة عبر خدمة الرسائل SMS، فهي وفّرت عليهم عناء زيارات مكوكية لمجالس كثيرة تهدف إلى نشر الخبر أو الشائعة، كما وفرت عليهم الالتقاء والنقاش الحامي مع أناس يحتاجون إلى إقناع وأنت لا حاجة لك إلى النقاش أصلاً معهم، كون «حامل الكفر ليس بكافر»!
يبقى أن نعرف أن توزيع هذه المسجات، أياً كان فحواها، ليست «لقافة» أو فضولاً... فهي يمكن أن نسميها أو نطلق عليها مصطلح (ثقافة) انتشرت في المجتمع... لها حسنات كثيرة ولها سيئات كثيرة لك أنت الوحيد الذي ترجح أي الكفتين لتغلب الأخرى عن طريق استخدامك لهذه الخدمة، يكفيك أن تعاتب أو تتغزل بالأحبة أو تعزيهم أو تعتذر منهم بمسج!
بل والأدهى أنها خدمة تستطيع من خلالها أن توصل شعورك إلى الآخرين و«تتطيلب» منهم إن كنت تخاف المواجهة أو تنحرج منها، إذ تلقى هذه الطريقة قبولاً من الطرف الآخر ويقبل طلبك أو اعتذارك... أو يمكن شتيمتك له؟!
خدمة المسجات، أو ثقاقة المسجات، هي أيضاً مليئة بالمواقف المضحكة المبكية، فلا تتمنى أن يكون رقمك مشابها لرقم تلفون مقاول بناء مثلاً... فإنك ستتلقى المسجات الغريبة العجيبة من العمال إلى (أربابهم) تارة يريدون مواد بناء وتارة يطالبون برواتبهم، ولا ننسى ملاحقة صاحب البيت للمقاول الذي يلجأ إلى كتابة مسج شديد اللهجة أحياناً يهدده من خلاله باللجوء إلى المحكمة.
ولا تتمنى أن يكون رقم هاتفك قريباً من أو مشابهاً لرقم هاتف بنت (مشهورة)! فهنا أنصحك بأن تبدل رقم هاتفك فوراً... لأنك وببساطة، غير المكالمات السخيفة، ستتلقى مسجات من شتى بقاع الأرض، وهنا اللهجة بعكس لهجة أخينا المقاول... هنا اللهجة منحرفة... وبها العروض والأسعار وتحديد المواعيد والأماكن... باختصار، هي ترتيبات تزداد نهاية كل أسبوع... فإن أحببت أن تدخل هذه المغامرة فابق على رقمك وإلا يمكنك التنازل والانسحاب بسلام.
ونلقاكم على خير الاثنين المقبل..
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 824 - الثلثاء 07 ديسمبر 2004م الموافق 24 شوال 1425هـ