عندما علقت جمعية الأطباء البحرينية على ما تناولته الصحافة المحلية في الفترة الأخيرة من أخبار عن انحراف عدد من الأطباء عن شرف المهنة، ورميهم لـ «القسَم» - الذي لا يصبحون أطباء إلا بعد أن يؤدوه - وراء ظهورهم، لم يكن بقصد «الإثارة» كما ردد بيان الجمعية أربع أو خمس مرات. لأن الحقائق التي تصل من النيابة العامة وحدها «مثيرة» جداً للحديث، ليس عن مهنة الطب، ولا الأطباء، ولكن عن «بعض» منهم الذي اتخذ منها سلماً لأغراض شتى، ومقاصد متنوعة.

كم من المرضى أهلهم من اصطدم بأطباء يصفون الدواء فقط بحسب ما يشعر به المريض من دون فحص، وكم من مريض صعقه همس الطبيب بأن يأتيه في العيادة ليجد عنده «الدواء الشافي» بدلاً من المستشفى العام، وكم من طبيب يمارس أعمالاً إنشائية وعقارية وتجارية على حساب وقت المرضى خلال الدوام الرسمي وتراه في عيادته الخاص شخصاً آخر يقطر احتراماً ووداداً لأن هناك أموالاً خاصة ستدخل جيبه الخاص؟ والشواهد في هذا المضمار كثيرة. وفي المقابل، فهناك أطباء على عكس ما ذكر لأنهم يقدرون مهنتهم وما تتطلبه من سرية وكفاءة واحترام لكل ما يتعلق بها بدءاً من المقابلة وحتى وصف الدواء المناسب.

ما قالته الجمعية في بيانها بأن الأخبار التي وصفتها بالمثيرة ستعمل على هدم ما تحاول البحرين أن تبنيه من سمعة في مجال السياحة العلاجية غير صحيح، لأن السياحة العلاجية ليست مستشفى نظيفاً وأسرّة ذات ملاءات بيضاء، فأول شروط السياحة العلاجية طبيب ماهر حاذق، تأمن على نفسك وأهلك وجيبك معه، ولا تخشى أن يتخذ من أسرارك حديث تندر في مجالسه الخاصة... فإن أصاب وأبدع وجد الصحافة أول الداعمين والناشرين عن إنجازاته، وإن أخطأ أو انحرف، فألف «لا» لسياحة علاجية أو غير علاجية إن كانت ستخلخل ثوابت المجتمع.

الكتابة عن حالة واحدة أو بضع حالات شاذة في الوسط الطبي لا تعني أن هذا الوسط موبوء، وعدم الكتابة عنها في الصحافة لا يعني أن الأمور بألف خير. فإن كان «في كل ديرة مقبرة»، ففي كل مهنة حفارو قبور