فرص تنموية ضائعة الأرقام التي وفرها تقرير الرقابة المالية عن الايرادات كشف عن مشكلة حقيقية تواجهها الحكومة في الحكومة مسألة تحصيل ديونها لدى الغير. وأوضحت الأرقام أن إيرادات الحكومة غير المحصلة بلغت حتى نهاية العام الماضي 2003 نحو 66,1 مليون دينار بحريني واللافت في الأرقام التي وردت في التقرير أن 40,7 في المئة من هذه الديون تزيد مدة التخلف عن السداد عن عام واحد.
ولم يذكر التقرير المدة الزمنية التي تغطيها الايرادات الحكومية غير المحصلة الى الوراء إلا أن المعروف أن الديون المدنية تسقط بعد مرور 15 عاما من تاريخها. ما يشير الى أن بعض هذه الديون قد يعود الى نهاية الثمانينات.
ولتقدير حجم المشكلة التي تواجهها الحكومة في هذه المسألة وكلفة الفرص البديلة يشار الى اجمالي قيمة الديون كما هي واردة في التقرير للعام 2003 وحده بلغت 39,6 مليون دينار تشكل نحو 60 في المئة من اجمالي الايرادات غير المحصلة على مدى السنوات الماضية والتي لم يحددها التقرير، وهذه الديون غير المحصلة الخاصة بالعام الماضي وحده تعادل 11 في المئة من العجز الذي كان مقدرا للعام 2003 (تحول فيما بعد الى فائضا بسبب ارتفاع أسعار النفط) وتعادل 12 في المئة من اجمالي المرصود للمشروعات لمختلف الوزارات في الموازنة للعام نفسه، كما تعادل 1,2 في المئة من اجمالي الناتج المحلي للعام نفسه.
الأمر اللافت الآخر في هذه الأرقام أن وزارة الكهرباء والماء انفردت بالنصيب الأكبر من الايرادات غير المحصلة وقيمتها 36,6 مليون دينار تعادل 55,4 في المئة من اجمالي هذه الايرادات أو الديون المستحقة للحكومة، وهذا يرجح ربط مكرمة الكهرباء، وقيمتها 5,7 ملايين دينار التي أطلقت في شهر يونيو/ حزيران من العام الجاري بمشكلة تحصيل إيرادات هذه الوزارة ورغبتها في تصفير الحسابات المتخلفة عن السداد، وان كان الملاحظون يتوقعون تفاقم مشكلة هذه الوزارة في المرحلة المقبلة بعد أن أثارت عكسياً فعلا في اتجاهات الالتزام بالدفع لدى الأفراد فاعتبرها المستهلكون مكافأة للمتخلفين عن السداد وبدأت الوزارة تستشعر هذا التأثير فعلا على سلوك المستهلكين في الشهور التالية للمكرمة.
وربما تكون الديون التي تتجاوز فترة التخلف عن سدادها ثلاثة أشهر هي ديون بالامكان متابعة تحصيلها، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في الديون التي تجاوزت فترة سدادها العام والتي قد تواجه الحكومة صعوبات في استردادها وبالتالي تعتبر خسارة حقيقية لو سددت في وقتها لخفضت عجز الموازنة أو لوجهت إلى مشروعات تنموية في مختلف القطاعات.
على رغم أن تقرير ديوان الرقابة المالية انتقد ضعف نظام التحصيل واعتبر وزارة المالية والاقتصاد الوطني، وفقا لقانون الموازنة العامة، مسئولة عن «التحقق من قيام الوزارات والجهات الحكومية بادارة الايرادات والمصروفات والمطلوبات بكفاءة وفعالية اقتصادية وشفافية»، إلا أن توصية التقرير بتعزيز وحدات تحصيل الديون تبدو غير واقعية بسبب الحجم الكبير لقاعدة المدينين، الأمر الذي يدعو الى أهمية تفكير الحكومة، اختصارا للجهد والوقت والكلفة، في امكان ايكال لمهمة تحصيل ديونها لدى الغير الى وكالات تحصيل ديون كما هو الوضع في دول كثيرة في اطار التوجه العالمي الى الاستفادة من خدمات الاسناد الى جهات خارجية
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 824 - الثلثاء 07 ديسمبر 2004م الموافق 24 شوال 1425هـ