العدد 823 - الإثنين 06 ديسمبر 2004م الموافق 23 شوال 1425هـ

مشروع (VET) إعادة نظر في نظامنا التعليمي والتدريبي

بين نواقص النظام الحالي وعوائد المشروع الجديد

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إن التحدي الكبير الذي مازال يواجه البحرين هو في تحقيق معدلات مقبولة من النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وسيظل هذا التحدي يسيطر على كل الجهود المبذولة من أجل السيطرة على الثورة المتواصلة في المعرفة والتكنولوجيا ووسائل الاتصالات المتقدمة.

ومما لا شك فيه ان نجاح هذه الجهود يتوقف على عدة عوامل متداخلة، في مقدمتها عامل الموارد البشرية الذي يعتبر من العوامل التي تحدد مستوى وقدرة البحرين في توظيف مواردها المتاحة وتحقيق الأهداف المخططة لها مسبقا.

إن إدراك المجتمع لقيمة الثروة البشرية كان الدافع الأساسي إلى الاهتمام بالتعليم والتدريب اضافة إلى التفكير في الوسائل الفعالة التي توفر أفضل فرص التعليم والتدريب لأفراده وفقا لقدراتهم وقابليتهم والتي تتيح لكل فرد من أفراد المجتمع حصته من التعليم والتدريب من خلال عمليات الاعداد المهني في صورها المتعددة بهدف تنمية ثروته البشرية. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة مشروع التعليم والتدريب المهني (VET) والذي تشترك فيه وزارة العمل والشئون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم لرفع قابلية المواطنين للحصول على عمل، وتمكينهم من الحصول على المؤهلات المهنية المناسبة ذات الاعتراف الدولي، بالإضافة إلى التحقق من إشباع حاجات سوق العمل.

فمن المعروف ان معدلات التنمية التي حققتها الدول المتقدمة ما كانت لتتم لولا استخدام هذه الدول للعلم في جميع مجالات الحياة العملية لتحقيق التنمية وفي مجالات تعليم وتدريب أبنائها لتجعلهم قادرين على المساهمة الايجابية في بناء وتطوير المجتمع ورفع معدلات التنمية فيه. لذلك أصبحت مقتضيات العصر الحديث تفرض على البحرين وأية دولة تسعى إلى إيجاد حلول لمشكلات التنمية والبطالة وتدني الأجور وغيرها، إلى إعادة النظر في هياكل العمالة والاعداد المهني بهدف تصحيح الخلل الذي كشفت عنه برامج التنمية بما تعانيه من عجز شديد في القوى العاملة كمّاً ونوعاً، هذا العجز الذي أصبح يهدد المجتمع بكل جوانبه الاقتصادية والاجتماعية.

إن الدول العربية والنامية بشكل عام تفتقر إلى الكوادر المتوسطة والعليا والتي تشكل أساس الإدارة المسئولة عن التنمية، ووجودها هو الذي يحدد قدرة مؤسسات البلد على مزج الموارد المالية والبشرية المتاحة لتحقيق أهداف التنمية.

إن هذا القصور في العرض بالنسبة إلى القوى العاملة والبطالة والبطالة المقنعة في القطاع العام وإهمال تأهيل وتدريب القوى العاملة وتركيز التنمية على الجوانب الاقتصادية، كانت من الأسباب الرئيسية لبروز مشكلة النقص الحاد في القوى العاملة المدربة، وبالتالي التأثير المباشر على عمليات التنمية إذ لجأت الكثير من الدول العربية بما فيها البحرين إلى تلبية احتياجاتها من القوى العاملة عن طريق الاستيراد، ما ولّد مشكلات اجتماعية وسياسية وأمنية، إضافة إلى الحقوق التي تولدت لهذه الأعداد الهائلة من البشر والتي وصلت في بعض الدول إلى أضعاف عدد السكان الأصليين. وعندما بدأت هذه الدول تبحث المشكلة واتخاذ اجراءات للتصدي لها، أصبحت معقدة وبكلفة كبيرة دون دراسة للأسباب الحقيقية وراء المشكلة والمتمثلة في تطبيق برامج وطنية لتعليم وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية.

ومن المعروف ان متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية هي التي تحدد نوع وأعداد العمالة المطلوبة، وبالتالي تحدّد سياسات وبرامج التعليم والتدريب القادرة على سد النقص بالمهارات والأعداد المطلوبة في سوق العمل ومواصلته مستقبلاً. ومع تطور العلوم والتكنولوجيا وتغير دور الفرد تبعاً لذلك بحيث أصبح الفرد اليوم مطالباً بأن يكون لديه قدرة ومهارة لتأدية الكثير من الواجبات التكنولوجية. وهذا يتطلب أن يكون لديه مستوى معين من التحصيل الدراسي والعلمي، يتزايد كلما ازدادت أساليب وأدوات الانتاج دقة وتعقيداً.

من هنا يجب النظر للموضوع على أساس ضرورة التكامل بين التعليم والتدريب، إذ يشكل التعليم الأساس لبناء الفرد ونمو شخصيته، في حين يتناول التدريب المهني جوانب تتعلق بتقدم الإنسان في مجال عمله وتطوير قدراته ومهاراته، حتى اننا يمكننا النظر إلى التدريب على أساس انه نوع من أنواع التعليم.

إن «الإعداد المهني» مفهوم شامل يتضمن عدداً من العمليات المتعلقة بالتعليم والتوجيه والتأهيل والتدريب المهني. والاعداد المهني وبغض النظر عن نوعه يهدف في الأساس إلى اعداد الفرد للموقع الذي يلائمه، أي انه يهتم باتجاهين هما الفرد والعمل، وبهذا نضمن التكامل بين العمل والفرد.

وبناء على التغيرات المستمرة في مجال العلوم والتكنولوجيا وتطور المجتمعات أصبح لزاماً الأخذ بالتغير المستمر في مفهوم التدريب المهني. وأصبح من الضروري على التدريب المهني كنظام وأهداف وبرامج، أن يواكب هذه التغيرات. ونحن مطالبون باعادة النظر في مفهوم وبرامج التدريب المهني لضمان تلبية احتياجاتنا المتزايدة والمتنوعة كلما زادت أهداف وبرامج التنمية.

إن نجاح الدولة في وضع هياكل التعليم المناسبة مع تطور حاجة البلاد وكذلك سياسة ونظم التدريب التي تتماشى ومتطلبات التنمية مع الحفاظ على توفير قنوات اتصال مدروسة وفعالة بين التعليم والتدريب وسوق العمل، كفيل بإحداث التغيرات المناسبة في بنية القوى العاملة لخدمة التطور المنشود في الدولة في جميع القطاعات وخصوصاً الاقتصادية والاجتماعية.

كل ما نتمناه من مشروع (VET) في الوقت الحالي والمستقبلي أن يتم تجاوز النواقص والقصور التي حددها في نظام التعليم والتدريب الحالي من عدم وجود جهات مركزية للتخطيط والمراقبة، وغياب الإشراف على المناهج والمؤهلات والجودة، وغياب المعايير المهنية، وذلك من خلال وجود آلية واضحة المعالم للجميع بما في ذلك القطاع الخاص والعمال المعنيين المباشرين بهذا التوجه، وإشراكهم في كل الخطوات المستقبلية وإطلاعهم على كل التفاصيل باعتبارهم نواة سوق العمل التي يهدف المشروع إلى إشباعه بكوادر وطنية مؤهلة ومدربة. وأن تثمر علينا بمخزون من العمالة الوطنية الماهرة القادرة على أن تحل بشكل تدريجي محل العمالة الأجنبية، وتشغل المهن والوظائف الفنية المستقبلية، ما قد يخفض معدلات البطالة ويمكّن من السيطرة عليها، كعوائد ومزايا مشروع جديد يجب أن تتحقق

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 823 - الإثنين 06 ديسمبر 2004م الموافق 23 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً