ما هذه الازدواجية عند الجمعيات المقاطعة في تعاطيها مع قانون «التنظيمات السياسية» البديل عن قانون «الجمعيات السياسية» الذي تقدمت به كتلة المستقلين؟ فالجمعيات المقاطعة لم تعلق بعد على الحراك الذي تقوده جمعية «الميثاق» بمعية الجمعيات الأربع المشاركة لتمرير هذا القانون عبر المجلس الوطني بغرفتيه، مع أنها شريكتهم في صوغ القانون البديل، ومختلفة معهم على آلية إقراره. إلا أن سكوتها يؤكد قبولها بتمرير القانون عبر الآلية الدستورية الحالية على استحياء.
لقد رد رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني على الجمعيات ببرود أعصاب بأن قانونهم البديل لا يختلف كثيراً عن القانون الأصلي، وكأنه يقول: ان ما أجهدتم أنفسكم فيه لا فائدة منه، فلا اختلاف بين قانونكم وقانوننا. هذا الرد طبيعي من الظهراني، لأنه يتكلم من موقع القوة والحاجة إليه كما أوحت بذلك الجمعيات المقاطعة، إلا أن الأمر غير الطبيعي هو التبلد السياسي عند هذه الجمعيات، فهي مازالت واهمة أن عند هذا المجلس الحل والعقد، وإقرار القوانين وإلغاءها، ولا تعلم أن تركيبته لوحدها قادرة على تعطيل قوانين الإصلاح، وإقرار قوانين أمن الدولة دفعة واحدة، فما بالها وهي تتكلم طوال سنتين عن أزمة دستورية، شرحتها وفصلتها حتى مللنا سماعها. القوانين البديلة عمل جيد في حد ذاته، ويسهم في إيجاد مناخ مقارن بينها وبين القوانين الأخرى السيئة، وهو ينفي عن المعارضة حال التكلس والجمود على الفعل ورد الفعل. وإذا ما أريد لهذه القوانين أن تكسب قوة إضافية، فيجب على المعارضة عرضها على الشارع للتصويت عليها، بهدف إكسابها قوة سياسية لا قانونية، واعتبارها رصيداً يمكن استخدامه مستقبلاً. أما الخيار الوحيد والأسلم لمواجهة الدور السلبي للمجلس الحالي في سن التشريعات المقيدة للحريات، فهو عدم الرضوخ للبعد الإجرائي المتعسف لهذه القوانين في حال تطبيقها، بتدشين جبهة وطنية للطعون الدستورية فيها
العدد 822 - الأحد 05 ديسمبر 2004م الموافق 22 شوال 1425هـ