العدد 822 - الأحد 05 ديسمبر 2004م الموافق 22 شوال 1425هـ

«لنا الصدر دون العالمين أو القبر»

التنمية ومأزق ثقافة...

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

هتلر كان يقول: «عندما أسمع لفظة ثقافة أتحسس مسدسي»... هكذا هي الثقافة المسئولة... مخيفة، ذات أنياب وأظافر ولسان طويل ومخالب أيضاً... ليس معنى ذلك انها متوحشة... لا أبداً، الثقافة المسئولة يجب ان تحمل روحية النمور والا أصبحت بلا قيمة... الأنياب تعني الرقابة وعدم القبول بالخطأ، هي مع العدالة حريرية ناعمة الملمس ولكنها مع التجاوزات لا ترحم. أفهم الثقافة كذلك اتزاناً وتوازناً في نقد الحكومة أو نقد المعارضة، لكن للأسف الشديد المثقف في البحرين وخصوصا في قطاع الصحافة يحاول غالبا ان يقسوا على المتوازنين ويذبح المعارضين لكنه غير مستعد ان يبدي كلمة ولو مخملية تحمل النقد تجاه أداء الحكومة أو الوزارات.

بعض مثقفينا البحرينيين لا يهدأ لهم بال الا اذا وقعت الوقيعة بين المعارضة والسلطة... يتمنون ان يأتي يوم لا يرون للاصلاح أو لهذه المعارضة أي وجود ولو كانت هذه المعارضة ناعمة الملمس. يثيرهم كثيرا شواء لحم المعارضة، وان يأكلوا افرادها «مقرمشين» عند غداء أية أزمة سياسية... يريدون ان يأكلوها كما يأكلون أصابع السمك.

المعارضة يجب ان تدخل في القضايا التنموية وان تركز عليها حتى لا تستغرق في الجوانب المربكة فتصبح لقمة سائغة ومادة دسمة يكتتب عليها «المتخرصون»، ولهذا يجب ان نكون واقعيين واذكياء في أدائنا السياسي. فالسياسة تختلف عن الجوانب الادبية، وأصبح الشعر القديم للشاعر العربي غير واقعي، بل هو يوتوبي حالم لا يخلو من فنتازيا فاضحة، ذلك عندما راح يردد «لنا الصدر دون العالمين أو القبر».

هناك مرحلة وسطى ما بين ثقافة الصدر الحالمة وثقافة القبر. أقول: فلنفكر ايضا في مشكلات اليوم وخصوصا الاستراتيجية منها:

1- أزمة التنمية.

2- أزمة التعليم ومناهج التعليم الببغائية التي تحول التلاميذ الى آلات تسجيل تقوم على الحفظ ثم بعد فترة تخرب فتأكل الشريط.

3- قضية الصحة، نحن في البحرين نمشي على عكازين التعليم والصحة وكلا العكازين اصيبا بالعطب لما لعبت فيهم المحسوبية والطائفية والتجاوزات طيلة الاعوام الماضية من تدشين دولة البحرين الحديثة، لا اخفي عليكم أني حزين لوضع التعليم في البحرين ولوضع الصحة، فكلاهما مليئان بالمشكلات والشكاوى، ولذلك مازلنا نفكر: لماذا ينجح التعليم في ماليزيا ويفشل في البحرين؟ ولماذا ينجح الطب في الأردن ويصاب بالعطب في البحرين؟ اعتقد في الأولى يستطيع الإجابة على السؤال الوكيل حسين السادة وفي الثانية يستطيع الإجابة الوزير محمد المطوع وهكذا دواليك.

أقول للمعارضة: ادخلوا الجوانب التنموية وحاولوا ان تضغطوا لايصالها ويجب ألا تدخلوا في أية استفزازات والعيد الوطني مقبل، والكل يتعشم فينا موقفا ايجابيا في المشاركة في العيد الوطني. وإرجاء أية مسيرات إلى وقت آخر حتى لا يتسبب هناك ارباك أو سوء فهم أو تعطى فرصة للمثقفين «الفتانين» ممن تعودوا طيلة السنوات الماضية الهمس في أذن الحكومة بالوشاية السياسية والنميمة الاجتماعية. بعض الكتابات مازالت تحلم بالماضي وتصرخ في أذن السلطة في حمية الدكتاتورية وان الحرية لا تأتي إلا بالتخريب على طريقة ذلك الشاعر الذي راح يحشد الدولة على المعارضة في زمن العباسيين، قائلا:

فضع السيف وارفع الصوت حتى

لا ترى فوق ظهرها أمويا أو «علويا»

طبعا هذه لقمة يابسة مغموسة بالكذب، وأمثال هؤلاء المثقفين الذين أصبحوا كالفطريات السامة لا أحد يريدهم لكن لهم سوقهم، فهناك من منحهم فرصة عبر الفضائيات.

أقول: دعونا نفكر في التنمية أيضا فالتعليم ليس بخير والصحة ليست بخير. بدأنا نتنفس قليلا من الحرية لكن مازالت الندوب الاجتماعية. نريد من الحكومة ان تدشن لنا مشروع «مارشال» للقرى. نريد ديمقراطية على طريقة اليابان تحترم عقل المواطن وتحترم الابداع وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولن يكون ذلك الا بتغيير جذري لأطقم غالبية الوزارات، وتغيير فوق الجذري 50 في المئة لديوان الخدمة المدنية لأن بعض أطقمه مؤدلجة بشكل مخيف تماما كوزارة العدل والتربية والجمارك والبلدية. أما وزارة المواصلات وقضايا البريد والطيران المدني فلها نكهتها الخاصة... هل تتذكرون ظاهرة السكرتيرات الآسيويات التي تحدثت عنها؟ انها مؤلمة، لكن ما هو أكثر ألماً ما وصلني من تظلمات ارسلها موظفون الى عدة مسئولين في الطيران تتعلق كما قالوا بـ «تجاوزات». سأحاول ان أطرح فقرات من الرسائل ونسأل الطيران عن ذلك وما هو رده؟

اذا الثقافة مهمة ويجب ان نفكر في الصحة والتعليم. من المضحكات اننا اكتشفنا وجود مصيدة فئران و«شداخة» في مطبخ احدى الوزارات، سأكتب مقالا عنها باسم «مطبخ الوزارة... غاب القط العب يا فار».

هذه المنغصات سنحد منها عندما نتمسك بالتغيير وفق قواعد اللعبة... تذكروا نظرية فن الممكن. يقول جاك شيراك: «السياسة ليست فن الممكن ولكن فن ان تجعل من الممكن ضروريا». ثقافة التشاؤم لا تنفع.... كلنا يعرف الاخطاء ولكن السؤال: كيف نصحح ومن أين الطريق وكيف نزرع المبادرة؟

يقول ت. إس. ايليوت: «ان الثقافة بكل بساطة هي التي تجعل من الحياة ممكنة للعيش فيها». ومسك الختام قول الله سبحانه وتعالى: «إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه» (الانشقاق:6)

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 822 - الأحد 05 ديسمبر 2004م الموافق 22 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً