العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ

الأميركيون يتدخلون في مفاصل الانتخابات الفلسطينية

السيدفضل الله يؤكد الوحدة:

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

تطرق السيدمحمد حسين فضل الله في خطبة الجمعة، للوضع العربي والإسلامي عامة، وركز على الأوضاع في العراق و فلسطين المحتلة، إضافة إلى الوضع اللبناني الداخلي. وقال إن أكثر من جدل سياسي وضوضاء انتخابية في دائرة الترشيحات، بين مقاطعة إسلامية هنا ومفاوضات متعثرة هناك، واهتزاز في قاعدة تنظيمية للسلطة، ومساع مصرية سياسية وأمنية في الخطوط الصهيونية والفلسطينية في مفاصل الواقع الانتخابي المقبل، تحت شروط إسرائيلية في تجميد الإعلام الفلسطيني المضاد للعدو بحجة خلق حال نفسية للانفتاح والمصالحة قبل أن يقوم هو بمثل ذلك، لمصادرة الخط الإعلامي في إثارة الجهاد ضد الاحتلال وتثقيف الشعب الفلسطيني والعالم الخارجي بأوضاعه العدوانية الوحشية، لأن ذلك - في زعم اليهود - يؤدي الى زيادة التوتر الذي يمنع أجواء التسوية، في الوقت الذي يتابع فيه شارون إصدار أوامره الى جنوده لاغتيال المجاهدين، واعتقال الشباب الفلسطيني، والاستمرار في مصادرة أراضي الفلسطينيين لاستكمال بناء الجدار العنصري والمستوطنات.

أما الرئيس الاميركي بوش فيعتبر أن جوهر النزاع في الشرق الأوسط يتمثل «في قيام ديمقراطية فلسطينية وظهور شريك حقيقي في السلام للشعب الإسرائيلي»، على حد قوله. والسؤال: هل أن هناك في «إسرائيل» شخصاً يصلح لأن يكون شريكاً حقيقياً في السلام للشعب الفلسطيني؟ وهل أن شريك السلام هو الذي يحرك جيشه وسلاحه لتدمير البنية التحتية للفلسطينيين ولاغتيال قادتهم ولقتل المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب المسالمين، عندما يرسل طائراته الحربية لتقصف سيارة لمجاهد يحيط بها العشرات من المدنيين أو تجاورها منازلهم المملوءة بهم؟

إن مشكلة هذا الرجل هي أنه يعرف ان «إسرائيل» هي سرّ المشكلة في منع التسوية العادلة، وهي بشخص رئيس حكومتها ليست مستعدة لتنفيذ خريطة الطريق التي وافقت عليها السلطة الفلسطينية ولم توافق عليها «إسرائيل» إلا بشروط تعجيزية. وها هو شارون حليف بوش وصديقه الحميم يعلن أنه لن ينفّذ إلا الانسحاب من غزة وبعض المستوطنات الصغيرة في الضفة، فهذا هو كل شيء عنده لأنه لا يريد التسوية مطلقاً.

إننا نقول للفلسطينيين: إن وحدتكم التي هي الوحدة في التنوّع هي من ركائز صمودكم وانتصاركم، ولكنها ليست الوحدة تحت سقف الشروط الإسرائيلية بل على أساس الثوابت الفلسطينية التي تبقي القضية في أصالتها، ولا تسمح للمتغيّرات الدولية أو الإقليمية أو المحلية أن تنال منها تحت بروق العناوين والوعود التي تعرف «إسرائيل» ومن خلفها اميركا كيف تتجاوزها، وفي اللحظة السياسية المناسبة لها.

أما العراق، فلا يزال ساحة للموت العشوائي الذي تمارسه قوات الاحتلال من جهة، وبعض القوى المسلّحة من جهة أخرى، وفوضى الأوضاع الأمنية من جهة ثالثة، في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن احترام موعد الانتخابات الذي أكد عليه الرئيس الاميركي وإدارته، تحت تأثير مخاوف كبيرة من سيطرة قوات الاحتلال على مجرياته الإجرائية، ولا سيما إذا عرفنا أنها ستزيد قواتها العسكرية الى 150 ألف جندي، الأمر الذي قد يجعل المجلس القادم والحكومة التي ينتجها خاضعة للشروط الاميركية في اختيار الممثلين الحقيقيين للشعب العراقي، ما يفرض علينا تحذير هذا الشعب أن يكون واعياً للعبة الاستكبارية، ودقيقاً في عملية الاختيار للأشخاص الذين يملكون الخبرة والإخلاص لوطنهم، وللمحافظة على الهوية الإسلامية للعراق حتى «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين».

وإننا في الوقت نفسه ننظر بكثير من الريبة والخطورة إلى الخطاب التحريضي الذي بدأته شخصيات عراقية وأخرى من الدول المجاورة، بشأن التوزع الطائفي والعرقي في العراق، والدعوات المتبادلة في ادعاء طرف هنا أنه يمثل الأكثرية على حساب الآخر الذي يمثل الأقلية وبالعكس، وقيام البعض بتشجيع هذا الخطاب، وكأن مشكلة العراق تكمن في المسألة الطائفية وليست في الاحتلال الاميركي لكل مقدّراته وأوضاعه. إننا نحذّر العراقيين من هذه اللعبة التي تشبه اللعبة الغوغائية في أبعادها الغرائزية التي قد تتمثل في الدماء التي تسفك هنا وهناك، تحت تأثير هذه الذهنية التي يشجّعها المحتلون واليهود والعملاء الذين يتحركون بفعل المخابرات الدولية من هنا وهناك، وقد تتمثل في الكلمات الحادة المثيرة التي تحاول إثارة عمليات الاستفزاز الطائفي التي تزيد النار اشتعالاً. إننا ندعو الله أن يحفظ العراق وأهله، وأن يلهم الشعب العراقي الوعي والحكمة والصبر والوحدة الإسلامية في نطاق الوحدة الوطنية.

أما في لبنان، فإننا ندعو الى عدم الاستغراق في الحديث الذي يحاول فيه فريق هنا وفريق هناك تسجيل نقاط سلبية، وإثارة حال من الصراخ السياسي الذي يصمّ العقول قبل الآذان، ونريد لهم أن يتفهّموا طبيعة التدقيق في أوضاعهم الداخلية بالحوار السياسي الموضوعي الذي يضع الأمور في مواضعها. ولا يبعدوا المسألة عن الخلفيات الدولية في القرار الصادر عن مجلس الأمن الخاضع لخلفيات معينة قد لا تكون في مصلحة لبنان، وخصوصاً بما يتصل بالمقاومة وبالأوضاع الأمنية الدقيقة التي يختزنها الواقع اللبناني في المشكلات القلقة التي قد يثيرها المستقبل في تعقيداته، عندما يبتعد البلد عن الضوابط الدقيقة الحاسمة.

لقد أصدر مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تتصل بالمسألة الفلسطينية ضد «إسرائيل»، ولكن هذا الكيان المحتل لم يسقط أمامها ولم يخضع لأي تهويل، بل كان المسئولون فيه يحدّقون بمصالحهم الذاتية ليتابعوا خططهم الخاصة في تنفيذ استراتيجيتهم العدوانية تحت الحماية الاميركية. إن علينا أن نعرف أن «اميركا الإسرائيلية» تطلب من العرب، ولا سيما سورية ولبنان، كل شيء ولا تعطيهم أيّ شيء، وهذا ما لاحظناه في مطالبتهم سورية بالكثير بما يتصل بفلسطين والعراق والمقاومة، ولكنها حتى في بعض مواقف سورية ولبنان ضد قوى العنف هنا وهناك وحفظ الحدود السورية العراقية من الاختراق لا تزال تعمل على التهديد وإثارة المشكلات ضدها وضد لبنان.

إن على اللبنانيين دراسة الأوضاع اللبنانية السياسية والأمنية والاقتصادية بدقة وحذر، من خلال مصلحة البلد كله في شخصية إنسان الوطن لا إنسان الطائفية، وإدارة الحوار عن مفاهيم الحرية والاستقلال والحلول الواقعية للمشكلات الخانقة على مستوى شجاعة المواجهة لكل الذين يديرون حركة الهدر والفساد للبلد كله، ممن صنعوا المأساة في الماضي، ويعملون لإنتاجها في المستقبل

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً