يختتم اليوم مؤتمر «حوار الخليج» أعماله في المنامة بعد أن اجتمعت شخصيات مهمة ومعنية بـ «الأمن القومي» من دول التعاون، إيران، العراق، اليمن، أميركا، بريطانيا، فرنسا بالإضافة إلى ممثلين عن روسيا، اليابان، استراليا وغيرها من البلدان التي ترتبط مصالحها بصورة استراتيجية بمنطقة الخليج.
وفي كلمته أمام المؤتمر (الذي وصفه المراقبون بـقمة الامن القومي) تحدث وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة عن أهمية اللقاء الاستراتيجي - الأول من نوعه - مشيراً إلى ما شهده العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية من تجمعات وتكتلات، أهمها منظمة الأمم المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، من أجل الحفاظ على نوع من الاستقرار النسبي في العالم. وطرح فكرة التعاون الإقليمي بشأن الأمن القومي ومد الجسور مع القوى والحلفاء الموجودين خارج المنطقة مع الحفاظ على الموروث الثقافي والاستقلال السياسي.
واعتبر الشيخ محمد توقيع اتفاقات التجارة الحرة مع أميركا التي هي مقدمة لتوقيع اتفاقات مماثلة تشمل دول الشرق الأوسط مع العام 2010 أهم المؤشرات على ترابط المصالح وتبادل الثقة بين الشركاء من أجل تحقيق تنمية مستديمة.
الأهم بالنسبة إلى الكثير مما ورد في كلمة الشيخ محمد هو ما تحدث به عن البحرين في مجال الإصلاح السياسي المتمثل في التصويت على ميثاق العمل الوطني والانتخابات البلدية والبرلمانية وتعزيز دور المرأة، إذ اعتبر أن هذه الخطوات الإصلاحية أكسبت البحرين اهتماماً أكبر بها من خارج المنطقة.
وقال: «إن الإصلاح السياسي مع خلق فرص اقتصادية يتغلب على القوى الساخطة» معتبراً أن العاملين (إصلاح السياسة وإصلاح الاقتصاد) أهم الوسائل للتغلب على المشكلات الناتجة عن سخط الناس وللابتعاد عن حالات الفوضى والإرهاب وانعدام الاستقرار.
وتضمن حديث الشيخ محمد تأكيداً للسعي الحثيث إلى إشراك المواطنين في صنع القرار معتبراً ذلك أنجح الوسائل لمواجهة تحديات المستقبل ولاسيما فيما يتعلق بازدياد معدل البطالة في المنطقة إلى 15 في المئة وتضاعف أعداد الباحثين عن عمل خلال السنوات المقبلة.
وأشار الشيخ محمد إلى عاملين أخّرا التطور السياسي والاقتصادي في السابق وهما أجواء الحرب الباردة (التي انتهت مع مطلع التسعينات من القرن الماضي) والخلافات الحدودية بين الدول، مبيناً أن هذين العاملين أصبحا جزءاً من التاريخ ويجب ألا يسمح لهما أو لعوامل مماثلة الخروج إلى السطح لمنع عملية التطور السياسي والاقتصادي.
في مؤتمر عن «الأمن القومي» كان ربما يتوقع المرء أن يسمع فيه حديثاً عن متطلبات القبضة الحديد، كما كانت العادة في الماضي، وهذا التطور النوعي في الخطاب السياسي يعزز الثقة بأن مشروع الإصلاح يعتبر الانفتاح السياسي داعماً للأمن والاستقرار وليس العكس كما يحاول البعض إثارته وترديده في بعض المحافل والكتابات الصحافية.
هناك من يعوِّل على عودة قانون أمن الدولة ويمهد الطريق لإثارة الأوضاع وشحن الأجواء وإثارة العداءات، وهناك بعض أفراد «صحافة الاستبداد» يحاولون دق طبول العداء وإثارة المسئولين ضد المواطنين، ولكن أعتقد ان خطاب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك يمثل صفعة قوية لهم وربما يزيد حالهم اليائسة أكثر يأساً، فالزمان قد تغير ومن يحلم بإعادة قوانين أمن الدولة أو أجواء أمن الدولة فإنه يعيش في الماضي الذي باد ولن يعود
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ