المسيرتان اللتان جرتا في جامعة البحرين في الأسبوع الماضي - بسبب المقترح الذي تقدم به النائب جاسم السعيدي - تواصلان نسج العلاقات المرتبكة بين أطراف المعادلة الجامعية، وبين المجتمع ككل. فمقترحات النائب نفسه كانت محل جدل دائم، بسبب عدم الدقة ربما، وبسبب «مَن» تصدر منه هذه المقترحات، فنحن غالباً لا نرى إلا مقولة «الحق يعرف بالرجال»، وإذا كان الرجل/النائب (بشكل مطلق وليس السعيدي هو المقصود هنا) ليس مصنفاً من أهل من نعرف فيهم الحق، صار كلامه موضع شك، وعلى الأطراف الأخرى غير المتفقة معه في التوجه أن «تفتفت» عبارات مقترحاته لترى فيها ما يمكن أن تعتبره إضرارا بها. بغض النظر ما إذا وردت في كلامه إيجابيات أم لا، أو أن في مقترحه ما يمكن أن يتم تعديله وتطويره. من جانب آخر، فـ «المماحكات» التي لا تنتهي بين جامعة البحرين ومجلسها الطلابي، يجعلها تسيّر مسيرة طلابية (أو تباركها على الأقل) في مقابل مسيرة خرجت قبلها بيوم واحد فقط للمجلس الطلابي وأنصاره، المسيرتان تقولان «لا للفصل بين الجنسين»، ولكن مع شيء من التفصيل، والتفصيل هنا أمر ممكن النقاش حوله والتوصل فيه إلى رؤية مشتركة بين من ساروا في اليوم الأول ومن فعلوا الشيء نفسه في اليوم الثاني، ولكنها «الخصوصية» التي ستضيع إن تم الاتفاق، والاتفاق الذي سيعني - فيما يعنيه - تراجع التوتر بين المجلس ومريديه، وبين الجامعة وإدارتها، وهذا ما لا يرغب أن يتم، وإلا لما كان للحياة معنى ولا طعم. سيظل الوقوف على «نصل» المواقف، سواء مع من نحب ومن نكره، ومن نتقاطع معه ومن نختلف، يحرك أكثر أعمالنا من ناحية التلويح بـ «أننا هنا»، حتى وإن كان على حساب مكاسب مستقبلية للجميع يمكن التوصل إليها لو نزع عنها التفكير المسبق بالمؤامرة والأجندات الخاصة والتشكيك الراسخ في كل ما يرد من الطرف الآخر، تأسيسا على أسطورة «الخاتم» التي لا تزال تعمل عملها
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 820 - الجمعة 03 ديسمبر 2004م الموافق 20 شوال 1425هـ