إن موافقة وزارة الصحة على طلب الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بتأسيس مركز الكرامة لمعالجة ضحايا التعذيب هي خطوة حضارية تحتسب للبحرين. وعلى رغم أن هذه الخطوة جاءت متأخرة (أكثر من ثلاث سنوات منذ تقديم الطلب الأول) فإن ايفاء الحكومة بوعودها بإنشاء هذا المركز لابد أنه سيلقى ترحيباً من الأوساط الحقوقية داخل البحرين وخارجها، شريطة أن يكتمل التأسيس ويستفيد من المركز ضحايا التعذيب الذين هم كثر في مجتمعنا.
لقد بدأت الفكرة بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني في فبراير/ شباط 2001 حينما تحركت الأوساط الحقوقية للاحتفال (للمرة الأولى في تاريخ البحرين) باليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب في السادس والعشرين من يونيو/ حزيران 2001 وكان الاحتفال كبيراً ونوعياً ولاتزال آثاره مستمرة حتى اليوم.
ربما يتذكر البعض منا ذلك والبعض الآخر ربما يسمع عنه للمرة الأولى، لكن هذه الفكرة بلورت معها أفكاراً أخرى كفكرة المرسم الحسيني التي تطورت فيما بعد، إذ كان المرسم من أوائل وأهم المشاركين في هذه الاحتفالية وفي هذا النشاط الوطني العام، وذلك عندما أقام مرسمه في مجمع العالي وكنت شخصياً من المشاركين فيه وكان الحماس بادياً على وجوه كل من رسم وتضامن مع ضحايا التعذيب بسبب الاضطهاد السياسي للفترة التي سبقت التصويت على الميثاق الوطني.
لا يمكننا أن نتجاهل شريحة ضحايا التعذيب في مجتمعنا والذين كانت تضحياتهم سببا رئيسيا للانفتاح السياسي الحالي. وقد يخلو أي بيت بحريني من احد افراده أو أقاربه أو معارفه ممن تعرض للتعذيب أوالاهانة في الفترات الماضية ولاسيما الأسوأ منها في تسعينات القرن الماضي.
فهناك الآن من ليست له ساق... وهناك من هو مصاب بداء عصبي عضال... وهناك من لا يستطيع أن يستمر في حياته بشكل طبيعي... وهناك من فقد دراسته وعمله واضطربت حاله... وهناك من تعرض لأسوأ أنواع التعذيب الجسدي والنفسي... وهؤلاء جميعهم لم يساعدهم أحد بشكل عملي على رغم الضجيج الذي سمعناه من الهيئات الرسمية والأهلية. فهل سيكون مركز الكرامة جزءاً من الضجيج، أم أنه مبادرة حقيقية للتعرف على ضحايا التعذيب ومساعدتهم انسانياً والخروج بحلول لكل من تضرر والمساعدة على التعويض عن كل ما فقدوه خلال النضال الوطني من أجل العيش بكرامة؟
إذا، مركز الكرامة عليه مسئولية ثقيلة وعليه أن يثبت أنه ليس كغيره ممن يرفع الشعارات من دون أثر فعلي ملموس، واذا مضت ستة أشهر من الآن ولم نسمع عن أثر ايجابي له فسنعتبره خسارة أخرى تضاف الى الخسائر التي تكبدتها الحركة الاصلاحية خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب تشتت أجندتها. أما اذا كانت النتائج ملموسة لضحايا التعذيب أولاً، ولباقي الناس ثانياً فإنها ستكون بالتأكيد خطوة رائدة ترفع اسم البحرين عالياً وتثبت أننا من الدول القلائل التي تؤدي واجبها نحو كل شخص ضحى من أجل الآخرين... وهو فحوى الاحتفال السنوي لليوم السادس والعشرين من يونيو/ حزيران، هذا اليوم العالمي الذي حظي بمساندة ضحايا التعذيب وهو اليوم الذي أعلنته وأكدت أهميته الأمم المتحدة لجميع شعوب العالم
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 820 - الجمعة 03 ديسمبر 2004م الموافق 20 شوال 1425هـ