إن اقتصاد أي بلد في العالم مقرون بمقومات عدة تجعله يكون في مصاف الدول العريقة والمتقدمة، والتي غالباً ما يكون العنصر البشري والطاقة المكنونة في مواطنيها هي شعلتها ووسيلة نهضتها ورفعتها، ومن أكبر الأخطاء أن يتم الاعتماد على موارد تخلو من الشرعية وتحاط بالاستهجان من المحيطين والشرفاء على أي أرض، ونأخذ مثالاً هو السياحة.
فسياحة تعتمد على الرقيق الأبيض إن صح التعبير أو اللحم الأبيض في تعبير أوضح هو اعتماد فاشل بكل المقاييس، فبلدة صغيرة وصل بها عدد الفنادق إلى درجة مبالغ فيها يفوق عدد المنازل، ولا يعتمد مستثمرو هذه الفنادق على إيجار الغرف بقدر الاعتماد على عدد البارات والمراقص المتنوعة العربية والغربية!
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه النوعية من الاستثمارات أو الطريقة اللاشرعية والتي في نظري يتوجب على الحكومات العربية على الأقل محاربتها مثلما تحارب غسيل الأموال، هي طريقة بعيدة الأمد لاقتصاد البلدان! أم هي محدودة الوقت مع كثرة إيراداتها! وهل هي طريقة خالية من السلبيات الاجتماعية على سبيل المثال وهل هي الطريقة المثلى ليكون البلد ذا سمعة طيبة في استقطاب رؤوس الأموال (الشريفة) ودفع التجار للمغامرة باستثمار ملايينهم في هذا البلد الصغير مع قلة الإغراءات!
إلا أننا ومن تجربة نعيشها في ظل هذه النوعية من الاستثمارات (السودة الوجه) لا نرى إلا المصائب تتحاذف علينا من كل الجنسيات العربية والغربية، والبركة لا تحل لا على مال ولا على حلال، وصارت البطالة والفقر والحاجة والعوز هي سمة مواطني هذا البلد، بل والأدهى أننا صرنا من جملة الدول المشبوهة، فلنا أصدقاء في دول الخليج يعتذرون عن زيارتنا بسبب أن زيارتهم لبلداننا تعتبر شبهة وجنحة على المستوى الاجتماعي في بلدانهم.
إذاً، ما الفائدة من استقطاب أناس تهدم بلداً وتأخذ خيراتها وترسلها إلى بلدانهم (كاش) مع نهاية كل ليلة وتزداد صباح أيام السبت.
وهذا هو ناقوس الخطر الذي بدأ يدق، ليكشف للمسئولين عن هذه النوعية من الاستثمارات بأنهم مخطئون في حق وطن ومواطن... وبدأت سلبيات هذا (البزنس) المنحط في الطفو الى السطح لتبين لهم بأنهم متأخرون عن الدول التي كانت تفكر بشكل صحيح لنصبح مـتأخرين عدة مئات من السنين وليكتب علينا ثلة من المسئولين عن هذا الوطن التخلف والعار في حق أجيال قادمة بعضها ظهر على وجه الدنيا والبعض الآخر قادم ليلومنا على حياة ارتضيناها لنا ولهم، وعلى مستقبل مظلم لهم نحن أسسناه بهذه الظلامية والبؤس، ولنوعية من الانحراف وقلة الذوق والأخلاق والميوعة نحن من تسبب عليهم فيه.
فأين تلك القوى البرلمانية التي من المفروض أن تكون قوة تشريعية لا نرى لها صوتا وارتضت أن تشغل نفسها بضمان مستقبلها، ومع كثر الطاقم البرلماني (الإسلامي السلفي) الموجود فيها، إلا أنني أخالهم لا يعلمون أو أنهم لا يريدون أن يعلموا بما يحدث في البلد من هذه السياحة الرخيصة... وإلا ما المبرر في استخدامهم (التقية) هنا والاكتفاء بمحاربة الضرر (بالنسبة إليهم) الأصغر وترك الضرر الأكبر؟... أو تفريغ طاقتهم وشحنتهم في (الهواش) مع بعضهم بعضا، تارة على الفلوجة وأخرى على النجف؟ وهل طرح هكذا موضوع يخافون منه كونه موضوعا يشق الصف الوطني ويسبب الفتنة ويثير الطائفية أم أنه موضوع ليس بأهمية ولنجعله في أجندة نواب انتخابات 2006؟ فأنا عن نفسي لا أعلم... أفيدوني أفادكم الله
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ