هل حان أوان إعادة التوازن الإثنو - طائفي في منطقة الخليج؟
لا اعتقد أن الإجابة ستكون بكلا، فالأوضاع في المنطقة منذ احتلال العراق من قبل القوى الانجلو - أميركية أعادت إلى النظام الإقليمي الخليجي قضايا الطائفية والإثنيات بشكل كبير ولافت لم يكن حاضراً إلا إبان الاستعمار البريطاني الذي انتهى مطلع السبعينات من القرن الماضي.
وإذا كان الاستعمار قد انتهى فإن الهيمنة الأميركية التي تولت السيطرة على المنطقة لاحقاً قد بدأت تمارس الدور نفسه الذي كانت تمارسه بريطانيا وفق سياسة «فرّق تسد»، وهو ما دفع جميع الطوائف والمجموعات الإثنية في المنطقة إلى البحث عن مصالحها، والسعي نحو القيام بدور سياسي أوسع من ذي قبل.
وقد أشرت في مقال نشره مركز الخليج للأبحاث بدبي حديثاً أن الحل لإعادة التوازن الإثنو - طائفي في المنطقة هو القيام بسلسلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية تتيح المجال أمام جميع الطوائف والإثنيات للحصول على حقوق المشاركة السياسية وتضمن التوزيع العادل للثروة.
فعلى رغم أن منطقة الخليج وبلدانها قد شهدت اختلالاً إثنو طائفياً على مدى فترات طويلة كان لصالح الطائفة السنية التي استطاعت حكم معظم بلدان المنطقة وبالمقابل ظهر تهميش متباين للشيعة في هذه البلدان، فإن الأوضاع الراهنة قد تتيح الفرصة لبعض القوى الشيعية بزيادة نفوذها على حساب الطوائف الأخرى كما كان سائداً من قبل، وهو اختلال إثنو طائفي آخر.
ويجب أن تكون ظاهرة الاهتمام بالإصلاح قائمة على خلق هويات ووحدات وطنية في كل بلد خليجي. وعليه فإن الاهتمام بدعم أدوار أكبر للشيعة في العراق سواءً من قبل الشيعة في إيران والبحرين وبقية دول الخليج وكذلك من بعض الدوائر الأكاديمية الغربية لن يكون في صالح الأمن والاستقرار في المنطقة، لأنه سيعالج الخلل الإثنو طائفي بآخر، ولكن هذا التوجه يبدو واضحاً وحاضراً حتى في السياسة الأميركية نفسها.
إلا أن التحرك السعودي الأخير الذي ظهر في موقف وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في مؤتمر شرم الشيخ عندما حذّر من خطورة تهميش السنة في العراق جاء في وقته لأنه يصب في معالجة الخلل الموجود. ويجب أن يكون هناك تحرك رسمي وشعبي من قبل الشيعة والسنة لرفض المساس بالورقة الطائفية في العراق أو بقية الدول الأخرى من أجل تحقيق وحماية المصالح الأميركية والغربية. فالتحالف من أجل تحقيق مكاسب إثنو طائفية لن يعود إلاّ بالضرر على جميع البلدان والطوائف في الخليج
العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ