بدا جلياً أن المحاصيل الزراعية لدى الكثير من دول الساحل الإفريقي مهددة بعمق بسبب كثافة حركة الجراد الصحراوي الذي يعتبر أخطر آفة طبيعية تتهدد الموسم الزراعي المطري والمروي على حد سواء. وفي حال فشلت الجهود الدولية الحثيثة لكبح جماح حركة الجراد التي أحاطت سواحل إفريقيا إحاطة السوار بالمعصم فإن مستقبل الإنتاج الزراعي في إفريقيا سيدخل دائرة مهلكة. وإذا عطفنا هذا الوضع على أهمية الزراعة، التي تشكل نحو 90 في المئة من قوة العمل الإفريقية وأكثر من 85 من الناتج القومي الإجمالي للكثير من دول القارة التي تتهددها الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية والأمراض وفساد الحاكمين، نجد أنفسنا أمام مأساة جديدة قاتلة في مطلع القرن.
واستشعاراً لخطورة الموقف نبهت المنظمة الدولية للأغذية والزراعة (الفاو) أمس إلى أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة لإنجاح الحملة الإقليمية والدولية للسيطرة على جراد الصحراء والتي تستهدف تقليص مخاطر الجراد الذي سيغزو الدول الساحلية مجددا الصيف المقبل.
وتركز «الفاو» حاليا على دعم شمال غرب إفريقيا والساحل الشمالي خلال فصلي الشتاء والربيع. إضافة إلى منع الإضرار بالمحاصيل في دول المغرب وتقليص عدد الجراد الذي يتشكل في مناطق التكاثر الربيعي في دول المغرب. مع احتمال غزو أسراب الجراد غرب إفريقيا مجددا الصيف المقبل.
وفي سياق محاولاتها الدؤوبة للقضاء على الجراد ضغطت «الفاو» على الجهات المانحة لتخصيص 70 مليون دولار لعمليات السيطرة على الجراد، واستضافت ممثلين عن المناطق المتضررة من الجراد والمانحين في روما لمراجعة الدروس المستفادة من تلك الحملة الرامية إلى السيطرة على الجراد هذا العام ومناقشة أنشطة مستقبلية للسيطرة عليه.
ويقول الخبراء ان الجراد يضع بيضه وينمو في مارس/ آذار عندما ترتفع درجات الحرارة ما يعني أن فرق السيطرة على الجراد يكون أمامها ثلاثة أشهر للتعامل مع أكثر عدد ممكن من الجراد قبل أن يستعد لوضع بيضه.
ويعد هذا العام الأسوأ فيما يتصل بهجمات الجراد على إفريقيا وأجزاء من منطقة الشرق الأوسط منذ نحو 15 عاما. إذ وصل بعض من الجراد إلى جزر الكناري باسبانيا الأسبوع الجاري. ومرة أخرى تجد القارة الموبوءة بالكوارث وغضب الطبيعة نفسها أمام أحد أكبر التحديات التي تهدد مصدرها الاقتصادي الأهم في العمق
العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ