تتكاثر هذه الأيام بعض الاجتهادات الجيدة في توثيق مظاهر الفقر داخل قرى البحرين المحرومة من أبسط مظاهر العيش الكريم، وهي اجتهادات مهمة في لفت وجهات نظر المسئولين إلى الواقع المزري الذي تعيشه هذه المناطق، ومنها ما قام به شباب قرية «شهركان» حين نزل المطر قبل أيام بكثافة، فأغرق قريتهم بمستنقعات مياه ضخمة، تسببت في إحداث أضرار في البيوت وشل الحياة في القرية، وكشفت عن فقدان الدولة لأبسط مظاهر التخطيط العمراني، ما استدعى زيارة عاجلة من قبل وزير البلديات محمد علي الستري للنظر في متطلبات القرية واحتياجاتها الضرورية.
إن ورشة إصلاح سوق العمل التي دشنها ولي العهد، وندوة الفقر كانتا مفتاح البصيرة لمثل هذه الأعمال التوثيقية، على أمل إطلاق جهد شعبي بعيد عن التشنجات الأمنية والسياسية لمتابعة واقع الحرمان الموجود في البلد، فللجهد الشعبي إذا ما أتقن فاعلية غير اعتيادية، إلاّ أن القوى السياسية تستثمر هذه المجهودات في اتجاه صخب إعلامي آني، تبرز فيها الخطابات أكثر من الرؤى والمواقف.
إن التوثيق الذي تم في مسألة التجنيس السياسي وكذلك ملف التمييز والامتيازات كان توثيقاً نوعياً، ويمكن اعتماده كمادة احتجاجية على كل التجاوزات، إلاّ أنه جهد تم تضييعه، بتوجيهه في اتجاه الخطابات وتسجيل المواقف الآنية التي تصب في رفع الرصيد الرمزي وليس رفع معاناة الناس.أما ملف الفقر ومثله ملف البطالة، فبإمكانهما الحصول على قوة دفع إضافية مع تبني سمو ولي العهد لملف إصلاح سوق العمل والإصلاح الاقتصادي، وبإمكانهما أن يأخذا امتدادهما الشعبي الطبيعي مع تزايد حركة التوثيق لمظاهر الفقر داخل قرى البحرين، فهذه المظاهر لا تكاد تغادر مشهد القرى البائس نتيجة سوء التخطيط، وبالتالي: يمكن إطلاق حركة جدية مساندة لمشروع الإصلاح للقضاء على مظاهر الحرمان والتمييز وكل الآفات التي تعصف بالمجتمع
العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ