تصريح وكيل وزارة الداخلية العميد طارق بن دينه أمس الأول (الإثنين) في المؤتمر الصحافي بأن «إطلاق النار ليس الوسيلة الأمثل لمعالجة التجاوزات الفردية السلمية على الحدود البحرية»، كلام رسمي جريء وعاقل وواقعي في الوقت نفسه، وهذا النوع من الخطاب هو ما يمكن به تخطي العقبات الأمنية، وخصوصاً البسيطة والطارئة منها.
بداية لابد لنا أن نشد على يد الوكيل بن دينه على هذا الخطاب المتزن والحريص على سلامة وأمن مواطني البحرين. وما الحراك الرسمي الأخير من أجل إيقاف «الاعتداءات» الأمنية على البحارة البحرينيين من قبل خفر السواحل في الدولة الشقيقة قطر إلا خطوة كبيرة تحسب للمملكة، حتى يشعر المواطن أن هناك من يسند ظهره إليه في هذه المنعطفات الصعبة.
طبعاً هذا ليس تبريراً للتجاوزات البحرية المقصودة أبداً، وإنما كما أكد الوكيل، فإنه من حق قطر أن تحفظ أمنها ولكن «إطلاق النار ليس الوسيلة الأمثل لمعالجة التجاوزات»، فهناك أساليب كثيرة بإمكانها أن تحد من هذه التجاوزات، ولا يعدم العالم اليوم الأساليب الأمنية الاحترازية التي تتماشى مع الإنجازات التكنولوجية والعصرية التي تتشدق بها الدول.
لا يتمنى أحد أن يتوتر الوضع بين الجارتين الشقيقتين أبداً، والخطوات السلمية المبذولة من قبل البحرين بهذه الصورة كفيلة بحل المشكلة كما أكد الوكيل. فبالتنسيق والتشاور نستطيع وضع حد لأية تجاوزات، وتعود المياه إلى مجاريها.
هذا النفَس الطويل والعقلية الكبيرة التي مازالت تتعامل بها وزارة الداخلية مع دول الجوار في بعض الأزمات، هي نفسها التي نحتاج إليها داخل أحيائنا في مملكة البحرين، ولا فرق بين خطر «إطلاق النار» على الحدود البحرية أو على حدود القرى البحرينية، فإطلاق النار يحرق الأجساد ويلهب المشاعر سواء كان وسط البحر أو على اليابسة.
لم تمضِ ساعات على تصريح الوكيل أمس الأول حتى تناهى إلى مسامعنا خبر «إطلاق النار» (رصاص الشوزن) من قبل دورية أمنية على مواطن من كرزكان. وبحسب وزارة الداخلية فإن الحادث وقع «أثناء تمركز إحدى دوريات الأمن في منطقة كرزكان لمتابعة الحالة الأمنية وأداء الواجب».
ولكن لنا أن نسأل: ما الذي قلب أحوال كرزكان بين ليلة وضحاها بعد أن كانت هادئة ومستقرة إثر تبرئة أبنائها والإفراج عنهم؟ وما الذي حدا بالدوريات الأمنية إلى مطاردة المفرج عنهم ومباغتة بيوتهم وتفتيشها يومياً، في حين كان بالإمكان طلب تسليمهم سلمياً عبر المحامين؟ أليست هي لغة «إطلاق النار»؟ ولا أدل على ذلك من تحذير مدير عام مديرية شرطة المحافظة الشمالية في بيان أمس بأن «رجال الأمن عازمون على التصدي لمثل هذه الأفعال الإجرامية وفقاً للصلاحيات القانونية الممنوحة لهم»؛ يعني الله يستر.
ستظل منطقة كرزكان بؤرة توتر مستمر مادامت الدولة تصر على لغة «النار»، فبدلاً من الإمعان في المطاردات الليلية ونصب نقاط التفتيش التي توحي للمارة بأنهم في «الفلوجة»، وبدلاً من فتح جبهة استفزاز جديدة مع أهالي القرية عبر محاولة تغيير تركيبتها «الديمغرافية» وهويتها التاريخية، كان بالإمكان توظيف التصريح العقلاني الأخير لوكيل وزارة الداخلية العميد طارق بن دينه، والبحث عن حلول تنسيقية تنهي هذه المناوشات التي أنهكت ميزانية الدولة وأخذت منها الكثير، كما أنهكت الأهالي، من دون أن تقدم حلاً لأحد.
همس أحدهم في أذن مسئول كبير بوزارة الداخلية خلال إحدى الفعاليات قبل أيام، قائلاً: لو أنكم فعّلتم مشروع «شرطة المجتمع» بصورة صحيحة واستبدلتم قوات مكافحة الشغب على منافذ القرى بالشباب البحرينيين من شرطة المجتمع الذين يقطنون في المناطق نفسها من اجل أن يقتربوا من الشباب ويتلمسوا همومهم ويحلوا مشكلاتهم لأمكنكم السيطرة على الوضع الأمني وإعادة الهدوء إلى المناطق الساخنة.
وأضيف: أما وقد اخترتم تفريغ المشروع من محتواه الاجتماعي، وبدأت شرطة المجتمع توكل إليهم مهمات أخرى كالمشاركة في الدوريات الأمنية، كما علمنا، وربما سيتحولون شيئاً فشيئاً إلى قوات «شغب»... فلا نجح المشروع... ولا هدأ الوضعُ.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 2812 - الثلثاء 18 مايو 2010م الموافق 04 جمادى الآخرة 1431هـ
انا مستغرب جدا
انا مستغرب جدا من وزارة الداخلية البحرينية بعدم مطالبتهم باتخاذ الاجراءات القانونية الصارمة تجاه الجاني اللذي اطلق النار على البحار . ومتعجب من الداخلية البحرينية ولماذا لا تضع الجاني تحت المساءلة القانونية . اليست حقوق الانسان والافراد مهمة في المجتمع . اين حقوق الانسان اذا ما طالبتم بحق ابنكم الصياد اللي لو لا رحمة الله سبحانه لكان في عداد الموتى
لا أطلاق النار..ولا رمي المولوتف.. الوسيلة الأمثل!!
أطلاق النار ليس الوسيلة الأمثل .. أمنا بالله !! ولكن هل رمي المولوتف على دورية الشرطة..الوسيلة الأمثل ؟؟؟
صح كلامك
صحيح كلامك يا استاذ . بل اطلاق النار يخلق الكثير من المشاكل . والحل هو الكلمة الطيبة والتفاهم والنصح . وشكرا لك تحياتي