الصحافي الأميركي المرموق سيمور هيرش (72 عاما) تحدث في الجلسة الرئيسية لـ «منتدى الجزيرة الرابع» في 15 مارس/ آذار 2009، والاستماع إلى هيرش يعطيك القدرة على فهم جانب من قوة الإعلام المستقل الذي يستطيع أن يؤثر على أكبر قوة في العالم (الولايات المتحدة الأميركية) وكيف يمكن أن يؤثر على السياسة بصورة إيجابية عندما يكون ملتزما بمبادئ إنسانية ومستقلة.
هيرش أشار إلى أن أهم عوامل التأثير الإعلامي تكمن في «أنسنة» الأحداث، وأشار إلى قصص من حياته الصحافية وكيف أنه عندما ذهب إلى «شمال فيتنام» في 1972 (على الجانب المعادي لأميركا) وذهب هناك مع الفيتناميين وشاهد بأم عينيه كيف تدمر الطائرات الأميركية سكك الحديد والقطارات وكيف كان الفيتناميون يصلحون تلك السكك ويعيدون القطارات إلى العمل... وعقب: أتذكر أنني قمت بتصوير ذلك، وبعدها قمت بتصوير «جبل» مطل على الميدان، وعند ذلك ضحك عليّ قائد عسكري فيتنامي وضحك معه المترجم الذي كان معي... وعندما سألتهما عن السبب في الضحك، قالا: لماذا صورت جبلا، فليس هناك بشر؟ عندها التفت إلى أننا كصحافيين دورنا يكمن في «الإنسان داخل الحدث»، بمعنى آخر أن دورنا يكمن في «أنسنة» الأحداث.
ثم انتقل إلى قصة أخرى عندما دعاه الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل قبل سنة ونصف في القاهرة وحضر ورشة مع عدد من الصحافيين المصريين الذين سألوه عن كيفية الكشف عن ممارسات الفساد والأعمال غير السليمة التي يمارسها العسكريون وغيرهم من المسئولين... وعقب: فهمت بعدها أنني عندما أقوم بالكشف عن الفساد في أميركا فإنني أحصل على الجوائز التقديرية، ولكن زملائي المصريين يحصلون على مصير آخر يختلف كثيرا عن الجوائز، ولذا فإن عملهم يستحق كل الإجلال و التقدير.
ثم عرج على الحرب الإسرائيلية على غزة، وقال إن ما حصل في غزة أدى إلى وضع حركة «حماس» على الخريطة السياسية، لأنها غيرت وجهة النظر عن «إسرائيل» والسبب في ذلك هو أن النقل المباشر الذي قامت به «الجزيرة» وغيرها من الفضائيات من داخل غزة أوضح «المعاناة الإنسانية» التي مر بها أهالي غزة، وفقدت «إسرائيل» الكثير من حججها التي كانت تطرحها لتبرير ماتقوم به.
هيرش هو الذي كشف عن فضحية التعذيب (على يد الجنود الأميركان) في سجن أبوغريب في 2004، وهو الذي كشف عن عدة فضائح مارستها الإدارة الأميركية في العقود الماضية، وهو يمشي مرفوع الرأس في بلاده، ويحمل جوائزه التقديرية معه، لأنه استطاع أن يوضح الجانب «الإنساني» من الأحداث، وهناك في بلاده من يقدر ذلك.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2384 - الإثنين 16 مارس 2009م الموافق 19 ربيع الاول 1430هـ