اللقاء الذي أجرته «الوسط» مع السيدعبدالله الغريفي أخيرا، حمل بين طياته حلما أطلق عليه اسم «المشروع العلمائي الكبير» وكان يقصد بذلك مشروعاً وحدوياً يجمع علماء الطائفتين الكريمتين تحت سقف مؤسسة واحدة.

هذا الحلم الذي طالما حلم به الوطن، ورموز الوطن، هذا النشيد الذي طالما تغنت به الحنجرتان الرسمية والأهلية، هل سيستيقظ البحرينيون يوما على أنغامه ليجدوه حقيقة تدركها كل الحواس الخمس وليست حاسة السمع التي تسمع ما يكون وما لا يكون؟

اعتقد أن الدعوة التي وجهها الغريفي دعوة تستحق التوقف عندها مليا، والتأمل في مضمونها كثيرا، لأنها «مشروع وطن» لا يستهجنه إلا الذين يرون الوطن صغيراً صغر عقولهم لا يسع الجميع، ولا يرفضه إلا الذين ضاقت صدورهم فلا يرون إلا بمنظار أكلت عليه الطائفية وشربت فهو أسود سواد الليل البهيم.

لا تزال ذاكرة الوطن تسجل صورا رائعة ومنها هيئة الاتحاد الوطني في منتصف القرن الماضي، ولا تزال ذاكرة الوطن تسجل مواقف شبيهة بتلك الصورة ومنها الغزل «الوطني» بين الشيخين عبدالأمير الجمري وعبداللطيف المحمود في أوائل التسعينات وغير ذلك من الأمثلة.

هذه أمثلة الماضي فماذا عن المستقبل؟ هل يستطيع الغريفي أن يضرب مثلا آخر، وهل دعواته التي تضمنها اللقاء تبشر بمشروع لايزال طور الإنشاء سيتبناه الغريفي قريبا ليفتح به النفوس، ويوحد به القلوب؟ ليصبح الوطن ملكاً عاماً، ينعم به كل المواطنين تحت مظلة أوسع وأجمع وأورع وأرفع من المذهبية البغيضة التي أحرقت دولاً وأمماً ولايزال دخانها يتصاعد سواداً وعتمة... الوطن ينتظر