إن عدم وجود مؤسسات ديمقراطية حقيقية وقوية، وضعف الأنظمة القائمة أساسا منها هو السبب المباشر في الأزمات الانتخابية التي شهدتها بعض دول شرق أوروبا ومنها أوكرانيا في الوقت الراهن وجورجيا مطلع العام الجاري وربما رومانيا غدا إذ توجه مواطنو الأخيرة إلى صناديق الاقتراع أمس.

اعتقد أنه لا يوجد هنا احترام للشعوب وإرادتها والاستهانة بالمعارضة واستبعاد أنها ربما تخرج عن الإطار المعهود وتنشط من خلال القانون. إنها ممارسة السلطة المستبدة التي لا تخشى عواقب تزوير الانتخابات حينما يختلط الأمر بالشعارات المنمقة المرفوعة والدساتير الموضوعة والمراقبة الدولية الشكلية المتبعة.

لذلك من الصعوبة بمكان أن نعرف هل حقا نتائج الانتخابات الأوكرانية قد زورت كما استنتج أعضاء البرلمان وأبطلوها، وهل المعارضة هناك تتحرك للدفاع عن الشرعية المفقودة أم هو صراع الايدولوجيات المتناقضة والأحزاب المتباينة، الذي تحاول أن تستفيد منه القوى العظمى لاحتواء البلاد. إنها حقا نموذجا للديمقراطيات الأوروبية الشرقية التي قامت على الذهنية المتسلطة إذ إن الحكومة هنا هي المرجعية والنفوذ والقوة التي تسوس إرادة المجتمع، وليست السلطة الديمقراطية القوية التي تنفذ القانون وتبسط المساواة وتحترم خيار الإنسان ومصيره.

ونجد الآن الغرب وإعلامه وخصوصا أوروبا الغربية والولايات المتحدة قد تبنى صوت المعارضة الأوكرانية وبدأ بالضغط على الرئيس ليونيد كوتشما من أجل الموافقة على إعادة الدورة الثانية من الانتخابات. فإذا كانت روسيا تتخوف من أن فوز زعيم المعارضة فيكتور يوشتشينكو سيؤدي إلى تدمير مصالحها القديمة في هذه الدولة ومن ثم إقحامها في التنافس العسكري مع حلف شمال الأطلسي «الناتو» وما يترتب على ذلك من مشكلات، فإن أوروبا الغربية وأميركا تتخوفان أيضا من أن موسكو تهدف إلى الانفراد بكييف وبالتالي احتمال عودتها إلى أساليب الحرب الباردة، وتكوين كيان إقليمي قوي سياسيا واقتصاديا مع بقية الدويلات الشرقية الأخرى لصد النفوذ المتزايد للإمبريالية نحو الشرق