التحديات التي يواجهها اقتصاد البحرين ليست قليلة، ولكننا نستطيع تحديدها والاستعداد لها من الآن، لأن الفرص حاليا تتوافر لدينا. هذا هو ملخص ما حاول مجلس التنمية الاقتصادية قوله عندما طرح مشروع إصلاح سوق العمل، ويستعد الآن لطرح مشروع الاصلاح الاقتصادي عبر اقتراح استراتيجية بعيدة المدى لاقتصاد البحرين.
إن الآراء المطروحة من مختلف الجوانب تعتبر صحية، فأصحاب الأعمال لهم كامل الحق في أن ينتقدوا ويطرحوا البديل، كما للعمال ومن يمثلهم أن يتحدثوا عن صندوق العمل والخيارات المطروحة حالياً.
ولو ركزنا قليلاً على ما هو مطروح، فإن مجلس التنمية يود القول إنه - من الآن وصاعداً - فإن القطاع الخاص سيتسلم القيادة، وعليه أن يتحمل الكُلف لذلك. على أن تسلم القيادة من الحكومة (القطاع العام) يتطلب مرحلة انتقالية لكي لا يشعر القطاع الخاص وكأن ظهره سينكسر، وخصوصاً أن القطاع العام مازال هو الماسك بزمام الأمور إذا أخذنا في الاعتبار أن الصناعات الكبرى (النفط، البتروكيماويات والألمنيوم) مملوكة للدولة، أو أن الدولة تتحكم في أكثرية أسهمها وسياساتها.
ولكي يتسلم القطاع الخاص القيادة، فإنه بحاجة إلى نظام متكامل من التشريعات والإجراءات القائمة على أساس الكفاءة، والتي تعتمد الشفافية والثقة بأنه لا يوجد تدخل يميل هذه الكفة على تلك. فالسوق الحرة لها آلياتها التي تعتمد عليها، وهذه الآليات مختلفة جداً عن تلك التي يستخدمها القطاع العام الذي يعتمد على القرار السياسي أولاً وأخيراً.
ولو راجعنا الأمر من الناحية التشريعية، فإن البرلمان بغرفتيه، لن يمرر النظم والإجراءات المطلوبة؛ فحتى لو أراد ذلك، فإن اللائحة الداخلية حوّلت عمل البرلمان إلى جُهد يدور حول نفسه ولا يستطيع أن يخرج من جدران المجلسين. وهذا ما أشار إليه الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة في تصريحه لـ «الوسط» أمس، من أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب تعوقه، ومن دون إصلاح هذه اللائحة لا يمكنه ممارسة مهماته.
المشكلة هي أن الوقت لا يرحم، فالتحديات في ازدياد، والضغوط أيضاً في ازدياد. ونلاحظ حديثاً بعض التصريحات المنسوبة إلى مسئولين خليجيين لا يذكرون أسماءهم بشأن اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تصريحات أخرى تشير إلى أن الأجواء التنافسية تتطلب منا أن نكون متفهمين للظروف المعقدة المحيطة بنا.
وما لم نحدد الطريق الذي نود السير عليه، ومن ثم نخلق الثقة بين الجميع بأن الطريق الذي نتفق عليه لن يستثني أحداً لأسباب غير مقبولة، وإن العزم انعقد على المضي قدماً لنقل الحال الاقتصادية من وضعها الحالي إلى الوضع الذي نود رؤيته... فإننا قد نخسر الفرص المتاحة لإحداث التغيير المنشود باتجاه اقتصاد متطور يعتمد على الموارد البشرية ذات القيمة العالية والتي تستطيع جني مستوى معيشة مناسب لمستوى البحرينيين
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 814 - السبت 27 نوفمبر 2004م الموافق 14 شوال 1425هـ