خمسون عاما ليست كثيرة بمقاييس الزمن غير أنها بامتدادها التاريخي وبما أعطته للإنسانية يظل لها من الأثر ما يحفر اسمها بقوة في الصخر فضلا عن التراب وخصوصا اذا تعلق الأمر بتاريخ الانسان سواء كان في القطب المتجمد الشمالي أو في مملكة ذات تاريخ عريق كالبحرين. مناسبة هذا القول سؤال أثاره أحد المولعين بالآثار ونحن نطوف في أرجاء قلعة البحرين ونبحث عن ذلك التاريخ الذي يرجع الى قرون وقرون وحضارة انسانية بعيدة. اذ بادرني هذا المولع وهو يتنقل من زاوية الى زاوية ومن مكان إلى آخر مرددا بين الحين والآخر قصة ذلك الدنماركي الذي يدعى «جيفري بيبي» وهو العالم الذي بحث في الألواح السومرية عن مدينة مقدسة تدعى تلمون أو دلمون وفتح بذلك باب الاكتشافات ليس للبحرين فحسب، وانما لبقية المناطق المتاخمة لها. بادرني بالقول والأسف ظاهر عليه: «لماذا لا يأخذ هذا المكتشف حقه من التخليد كغيره من الناس، أليس ما قدمه شيئا كبيرا حقيقا بالاشادة؟! قلت ان جيفري بيبي اسم حاضر في جميع مراجع التنقيبات ولا تخلو دراسة ما عن حضارة دلمون من ذكره. فقاطعني لماذا اذا لا نرى شارعا في البحرين باسم جيفري بيبي؟! لماذا لا نرى شارعا في البحرين باسم جيفري بيبي؟! أمر يدعو إلى الدهشة حقيقة، فهل ان اسم الشوارع أيضا بالواسطات والمحسوبيات، ألا يدعو هذا الأمر الى اثارة شتى التكهنات؟ اذا كان هذا الرجل هو من أول - اذا لم يكن الأول - من حمل أدوات التنقيب على كتفيه وانخرط يحفر في الأرض بحثا عن تلك الكنوز، واذا كان يعيش مع مجموعة من المنقبين من قرى البحرين ويأكل ويشرب معهم وكأنه واحد منهم، واذا كان وهو الدنماركي البعيد عن البحرين اقترب من البحرين حتى أحس بها وكأنه ابن لها فقام بالبحث من دون كلل. فلماذا تم استثناؤه حتى هذه الساعة من هذا التكريم؟!. لا يمكن الغاء جهود الآخرين في هذا المجال بل انه من المهم أن يأخذ الجميع حظهم من التكريم غير أن جيفري بيبي حري أكثر من غيره بهذا التكريم وكم يكون الأمر مجحفا بحق هذا المكتشف اذا لم تأخذ وزارة الاعلام هذا الأمر على محمل الجد، فتفتتح مع احتفاليتها بمرور خمسين عاما على اكتشاف حضارة دلمون «شارع جيفري بيبي»