تعتبر قضية توعية الشارع البحريني بأهمية المحافظة على آثار حضارات البحرين القديمة احدى القضايا التي لاتزال غائبة عن الساحة. هي لاتزال ورقة سهلة للمسئول والتاجر وحتى لدى بعض المواطنين... فجميعهم مازالوا يجهلون حقيقة دلمون وما هي حضارة دلمون؟... تلك الحضارة التي ظلت منسية لقرون طويلة حتى بزغ نورها على ايدي مكتشفي الآثار الدنماركيين في خمسينات القرن الماضي، وإن سبقهم البريطانيون في نبش التلال الأثرية في أواخر القرن التاسع عشر. ودلمون التي لم يعرفها العالم الحديث الا في منتصف القرن الماضي لاتزال تحير علماء الآثار والمهتمين لكثرة اسرارها، وكثرة ما طمرته جرافات جهل البعض من أهل البحرين في ظل غياب الوعي بشأن حماية الآثار. قد تكون هذه الكلمات قاسية بعض الشيء لكنها ذات مغزى كبير، فالتقدير والدفاع عن آثار الشرق دائما يأتي من الغربي لأنه يراها بعكس ما تراه عيون الشرقي الذي قلما فهم حقيقة كنزه وآثاره. فلو فهم البعض منا قيمة آثاره لما ظلت ممارسات تدمير الآثار حتى اليوم ترتكب من دون مساءلة قانونية. والبحرين احدى الدول التي لم تنج من ذلك فإزالة التلال الأثرية مستمرة في مواقع شتى من البلاد، بل ان المواقع لا تدرس بعناية إضافة الى استخدام الأساليب البعيدة كل البعد عن الأسس العلمية. كل ذلك طبعا يؤثر في النفس ويشل المواطن الغيور عن فعل أي شيء لانقاذ ما تبقى من آثار. وعلى رغم أننا نملك مرسوما أميريا صدر في العام 1995 ينص على حماية الآثار فإننا لم نلمس أي اهتمام أو أدنى مسئولية إزاء المحافظة على حضاراتنا الكبيرة، فالجميع يعبث بها من دون وعي والقلة هي التي تعمل وإن قهرت في اكثر الأحوال من اكثر جهة. ان العناية بمواقعنا الدلمونية تحديدا قد يساهم في نشر الوعي بحمايتها، ورصد بعض من بقايا تاريخنا للأجيال وللعالم الذي يسعى للتعرف على أشكال وطبيعة حضارات البحرين والمنطقة. أيضا قد تجلب لنا مردودا سياحيا واقتصاديا إن شملته الأجندة الحكومية في البلاد من خلال وضع استراتيجية جادة يشارك فيها الجميع بلا استثناء، كونه جزءا لا يتجزأ من التاريخ والتراث الانساني. فلولا جلوب وبيبي مكتشفي حضارة دلمون لما عرفنا شيئا عن سر التلال الأثرية بأنواعها... وعلى رغم كل الانتهاكات التي مورست وتمارس ضد آثارنا فإننا نأمل أن نعزز مفهوما آخر للبحرينيين عن الآثار
العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ