يشير الباحث في حضارة دلمون والمتخصص في الأختام الدلمونية علي أكبر بوشهري الى أن أهمية الأختام الدلمونية ترجع الى كون الباحثين والمنقبين لم يستطيعوا حتى اليوم الحصول على مستندات أو كتابات كتبت من قبل الدلمونيين تكشف عن تاريخ دلمون وعقائدها وحياتها، على رغم الجهود الحثيثة للمنقبين الذين لم يتركوا مكانا لم ينقبوا فيه اللهم إلا ما تخبئه قلعة البحرين والتي يمكن أن تخفي الكثير، اذ أن ما يعرف عن الدلمونيين اليوم لا يتعدى المعرفة البسيطة بموتهم. ويضيف بوشهري الى القول السابق بأنه لا يوجد الآن لدى الباحثين والمنقبين عن حضارة دلمون سوى الأختام الدلمونية شاهدا وحيدا على حياة الدلمونيين وعقائدهم وحياتهم الأسرية. اذ أنه من خلال هذه الأختام تم التعرف على أشكال الدلمونيين وما يلبسون، والموسيقى والأسلحة التي كانت لديهم وشيء من حياتهم المهنية. كما يكشف بوشهري في هذا اللقاء الكثير من المعلومات بشأن الأختام الدلمونية مؤكدا أنها - أي الأختام الدلمونية - حفلت بالكثير من المواصفات الخاصة التي ميزتها عن غيرها من الأختام. ما هي الأختام الدلمونية؟ - ان المادة الأثرية المسماة بالختم هي بالأساس ختم، أي ما تختم الأشياء به، وكان يستخدم مثلا لختم البضائع في حال البيع والشراء في حال نقلها من منطقة الى أخرى ومن مكان الى مكان، ومن بيت الى بيت، اذ أن البضائع كانت تختم من أجل المحافظة عليها من التلاعب والسرقة ولتأكيد ملكية الشخص للبضاعة التي بعثت. فالختم يعني امضاء الشخص اذ أن كل ختم يتعلق بشخص معين. وأحيانا تكون في الختم سمات تدل على صاحب الختم وعلامات معينة تدل على طبيعة عمله والمهمات الملقاة على كاهله. وما هي أنواعها؟ - ان الاختلاف بين ختم وآخر راجع الى طبيعة المادة التي يصنع منها، ولكن معظم الأختام مصنوعة من حجر يسمى بالعامية الحجر الصابوني، وسمي بذلك لأن شكله يشبه الصابون، وهناك القليل من الأختام - حبة أو حبتين- مصنوعة من التين المحروق ومن الحجر الطبشوري، لكن معظم الأختام الموجودة مصنوعة من الحجر الصابوني. وكذلك الاختلاف راجع الى الاختلاف في أحجام الأختام اذ أن معظم هذه الأختام أحجامها صغيرة بحجم المئة فلس الحالية أو أصغر منها بقليل، وهناك أيضا أختام تجدها أكبر من ذلك، اذ يغطي البعض منها كف اليد، وهناك اختلاف أيضا في أن معظم الأختام منقوشة من جانب واحد، وهناك عدد قليل من هذه الأختام منقوش من الجهتين. وكذلك فان معظم الأختام الدلموني... شبه دائرية وعدد قليل منها لا يتجاوز العشرة صنع على شكل الأختام المصري- الفرعونية - وهناك أنواع أخرى صنعت على أشكال هرمية، اثنان أو ثلاثة صنعت على شكل حضارة الأنديس لكن كانت أختاما استثنائية، لكن معظم الأختام الدلمونية كانت على أشكال شبه دائرية وأحجام صغيرة. وما هي عناصر الرسم الموجودة على الأختام؟ - ان الأختام الدلمونية ذات مواصفات فنية خاصة، فاذا ما قارناها باختام حضارة الرافدين أو حضارة الأنديس أو الفراعنة وجدنا الميزة الفنية في الأختام الدلمونية مختلفة، فالدلمونيون كانت لهم خصائص معينة في نقوشهم ولهم رموز معينة يحبون استخدامها بكثرة ويمكن أن نجد فيها تشابها مع رموز الحضارات الأخرى لكن يظل هناك اختلاف في السمات الدلمونية التي أخذت من تطور الحضارة منذ فترة سحيقة ومن التطور الثقافي، اذ أن لكل ثقافة سمات حضارية خاصة بها. وأين عثر عليها؟ - نستطيع القول أن حوالي ستين في المئة منها عثر عليه في البحرين، اذ عثر عليها في مواقع عديدة. والقبور احدى هذه المواقع، وهناك اربعمئة وخمسين ختما عثر عليها في جزيرة فيلكة، أربعة عشر الى عشرين ختما عثر عليها في المنطقة الشرقية - ولكن للأسف - لا توجد لدينا حتى اليوم احصائية دقيقة للمنطقة الشرقية تعتمد على دراسة دقيقة، اذ أن كل ما يقال بهذا الخصوص أنه كان هناك تنقيب وتم الحصول على أختام، والدولة الوحيدة التي نحصل منها على دراسات بهذا الشأن هي دولة الكويت. وبحسب ما قمت أنا به من دراسة وجدت أن في البحرين حوالي ستمئة وخمسين ختما بحسب ما هو مسجل، وقد حصل على ختم واحد في الهند، وخمسة في ايران، وعدد محدود في العراق أما الباقي فمعظمه في البحرين والكويت. وقد وجدنا هذه الأختام في معبد دراز وهي على شكل أختام مصرية، ووجدناها أيضا في قبور سار، قبور عالي، قلعة البحرين، المقشع، الحجر، اذ إننا وجدنا في معظم القبور الرئيسية أختاما. وأريد أن أصحح هنا معلومة تتعلق بكون البحرين أكبر مقبرة في العالم، اذ إن الصحيح هو أن البحرين أكبر مقبرة تاريخية قبل الميلاد، ولكن حتى هذه المعلومة أنا أجدها غير صحيحة اذ إنني - وبحسب علمي- هي ثاني أكبر مقبرة تاريخية قبل الميلاد، كما أن عددها ليس كما يقال مئة وخمسون أو مئة واثنان وسبعون ألفا وإنما ثمانية وتسعون ألفا لم يتبق منها اليوم غير نسبة قليلة. وهل نستطيع تقسيم الأختام الى تجارية وصدفية؟ - أنت لا تستطيع أن تقسم الختم الى تجاري وغير تجاري، اذ إن الختم كان بمثابة الهوية لصاحبه، أما الأختام الصدفية فأنا شخصيا من أول المعارضين لاعتبارها أختاما اذا كانت على شكلها الطبيعي أي على شكلها الحلزوني، فالأختام الصدفية ما هي الا أشكال حلزونية تكونت بفعل قطع الجزء الأخير من الأصداف الطويلة، فاذا كان هناك شكل حلزوني طبيعي فان هذه ليست أختاما، لأن الختم يجب أن يختلف بين ختم وآخر، وقد قمت بدراسة أكثر من سبعمئة أو ثمانمئة ختم، ولم أجد منها ما هو نسخة طبق الأصل من ختم آخر اذ إن هناك اختلافا بينهما. فالأصداف التي تسمى أختاما وهي متشابهة في شكلها الحلزوني متى ما توافر واحد منها لديك، وتوافر منها واحد لدي وقمت بإرسال بضاعة الى شخص آخر وختمتها بهذا الختم الصدفي فكيف يعرف أن هذه البضاعة من قبلك؟! لذلك بعض هذه الأصداف اذا أضيفت اليها اضافات، كالدوائر، الخطوط وصورة غزال فيمكن اعتبارها أختاما لأن أشكالها اختلفت هنا، أما اذا كانت أشكالا حلزونية فليست أختاما، وأنا شخصيا لدي من هذه الأصداف أكثر من خمس عشرة صدفة وكلها متشابهة، لذلك هي تمائم وليست أختاما، اذ إن من المفترض أن كل ختم يختلف عن الآخر. ما هي شروط تسجيل أي أثر في اليونسكو؟ - هناك عملية مطولة جدا بهذا الخصوص ولها شروط، وأول الخطوات أن تطلب البحرين هذا التسجيل وتقوم اليونسكو بدراسة هذا الطلب، من خلال بعث مختصين وخبراء لدراسة الموقع والتعرف على أهميته للتاريخ الانساني، ومن ثم يقومون بتقديم تقريرهم للجنة المختصة بهذا التسجيل، واللجنة تجتمع مرة أو مرتين في العام على الأكثر، وهم يطلعون بتقرير، وهذا التقرير يمكن أن يكون ناقصا لذلك يطلب من الدولة التي تسعى للتسجيل الى الايفاء بالشروط الأخرى، التي منها تحديد الموقع بالضبط، وأن يكون الموقع مملوكا من قبل الدولة، وكذلك أية اضافات من ناحية التنقيبات وتحديدا من ناحية الترميمات يجب أن تكون بالمشاورة مع اليونسكو، لكي لا تسيء الى الموقع. ما الفائدة التي ستنالها البحرين والقلعة من هذا التسجيل؟ - أول فائدة هي تسجيل أحد مواقع دلمون، أحد مواقع تاريخ البحرين في الأمم المتحدة، وبذلك وصلت دلمون الى اليونسكو، وثانيا وهذا هو الأهم، أننا قمنا بحماية هذا الوقع المهم للأجيال المقبلة، اذ لو قمنا بتسويره فمن الممكن بعد عشرة أعوام ازالة السور وتدميره، لكن لو سجل فلن تطاله يد التدمير لأن هناك اليونسكو التي تشرف عليه. كذلك تسجيله في اليونسكو يعني الحفاظ عليه من التنقيبات العشوائية، لأن علم الآثار هو العلم الوحيد الذي يدمر ما درسته لكي تحصل على معلومات بشأنه. فاذا أردت أن تعرف فعليك بالتنقيب واذا نقبت دمرت لأنك تحمل ما نقبت، فاذا لم توثق هذه التنقيبات فان الأمر انتهى عند هذا الحد، لأن من سيأتي بعدك لا يعلم بما قمت به. وما الذي ينقص قلعة البحرين لتسجل في اليونسكو، وكيف يمكن الايفاء بهذا النقص؟ - ان قلعة البحرين لا ينقصها شيء، فمن حقها أن تسجل في اليونسكو، اذ إنها موقع مهم بالنسبة للبحرين، للخليج وللانسانية، وهو موقع أثري استمر في السكنى فوق الخمسة آلاف ومئتي عام من دون توقف. فالقلعة حال استثنائية لأنها منطقة سكنية بدأ السكن فيها لأول مرة قبل ثلاثة آلاف ومئتين قبل الميلاد، واستمر الناس يسكنون فيها الى ثلاثين أو عشرين عاما من الآن، حين أزيلت قرية القلعة
العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ
ان هذا الموضوع غير مفصل ولا استطيع قراءته
ان هذا الموضوع غير مفصل ولا استطيع قراءته