الفكرة التي تنوي وزارة الاعلام تطبيقها في البيوت القديمة التي تقع بالقرب من موقع قلعة البحرين، والمتمثلة في استغلال هذه البيوت لتحويلها إلى سوق شعبي للحرف والصناعات التقليدية التي تشتهر بها المناطق المحاذية للقلعة، كالنسيج وسعف النخيل وغيرها فكرة رائعة من شأن الوزارة أن تضرب بها عصفورين بحجر. ووفقا للقائمين على المشروع، فإن أصحاب البيوت أنفسهم وأبناءهم هم في الحقيقة من سيديرون هذه المشروعات ويستفيدون منها مقابل دفع مبالغ الكلفة فقط فيما يستفيدون من عائداتها، وهذا بحد ذاته يعتبر خطوة ايجابية. وهم من ناحية يسهمون في تطوير هذه الصناعات التقليدية التي بدأت في الاندثار في ظل المنافسة الشرسة التي تتعرض لها من قبل الصناعات الأخرى المتطورة. ومن ناحية أخرى، فإن هذه الصناعات من شأنها أن تستقطب أكبر عدد من السياح والمواطنين على حد سواء للإقبال على شراء هذه المنتجات التقليدية، وفي الوقت نفسه القاء نظرة على القلعة. عملا بمبدأ «زيارة وتجارة». وبصفتنا مواطنين نحلم بسوق شعبي أصيل يضاهي السوق الشعبي - الذي هو في الأصل ليس شعبيا، وإنما مستورد في غالبه - ولكن الخوف في أن ينتهي بنا الحلم إلى لا شيء، وإلى مشروعات مؤجلة إلى أجل غير مسمى، وأوراق وخرائط مكدسة بين أدراج المكاتب. فالمشروع من شأنه أن يحتضن أعدادا غير قليلة من السياح، خصوصا إذا ما تذكرنا بأن عدد السياح القادمين إلى البحرين في العام الماضي بلغ نحو خمسة ملايين سائح، ولو زار القلعة ربع عدد هؤلاء السياح، فهذا خير وبركة. والحديث هنا يجب ألا يطال السياح فقط دون المواطنين، فكم من الأهالي الذين يتقاسمون أرضا واحدة مشتركة مع الأرض التي رصت عليها حجارة القلعة، لم يطؤوها إلا حينما ساقتهم باصات مدارسهم حين كانوا صغارا في رحلة «ترفيهية» أو «ثقافية» إن شئنا، وفي أغلب الأحيان كانوا يفضلون لو توجهت هذه الباصات إلى «عين عذاري» آنذاك بدلا من القلعة. ولكن في ظل شيوع ثقافة التسوق لدى المواطنين وسيطرتها على أي نوع آخر من الثقافات، فإن إنشاء سوق شعبي مثل تلك التي وعدت بها الوزارة، لا بد أن تكون محط جذب أنظار الكثير من المواطنين الذين قد يثيرهم منظر القلعة بحلتها الجديدة لاثارة حب الفضول لديهم للاطلاع على ما تطويه من أسرار بين جدرانها، قد لا تكون اكتشفت بعد