هل سيكون ميثاق الشرف الذي يؤمل أن يوقعه نواب الشعب اليوم خطوة مهمة لنزع الفتائل المختلفة التي تعوق حركته؟ هل سيكون مسعفاً في توجيه الطاقات والعضلات الكلامية، وصرف الوقت إلى ما يهم الناس ويقلق منامهم بدلاً من حال «الهدوء المشوب بالحذر»؟ وهل سيكون بديلاً عن صرف وقت الشعب وطاقاته وأمواله التي يتلقاها النواب في تغذية الدعاوى القضائية ضد الصحافة؟
مواثيق الشرف السابقة التي وُقعت محلياً أو عربياً لا تنبئ بالكثير من التفاؤل، ليس لقصور فيها أو ثغرات، بل لأن تطبيقها أشبه ما يكون بتطبيق القرارات التي يجمع الساسة عليها، ولكن لا تجد لها سبيلاً للتطبيق، والسبب في هذا أن «النوايا» غالباً لا تكون خالصة ولا صافية، ودائماً تخضع لجرس يعلقه الطرف الآخر، هذا الانتظار يطول لأن لا أحد يريد أن يُري الآخرين أنه «دجاجة» ويأتي بمبادرات حُسن نية حتى لا يقدم الدنيّة في تياره أياً كان، وإلا فإنه سيتنازل عن كونه «ديكاً»، وبالتالي، يبقى اختراق المواثيق هو الأساس، حتى تتهلهل لا تبقى لها قيمة.
سيظل مجلسنا (وسنقول مجلسنا لإيماننا بأهميته المبدئية) في حاجة إلى ما هو أبعد من مجرد ميثاق شرف، و«تبويس» للمختلفين حتى يتصافوا إلى حين، وأبعد ما يكون عن الدفاع عن شخوص بعينهم فيه وتدبيج المقالات والتصريحات في شأنهم. فلا يهم الناس كثيراً إن انسحب من القاعة فلان، أو علا صوت آخر وخرج عن اللائق من الكلام، ولا يقاس الأداء بكم المناكفات ولا بالقدرة على صوغ الاستجوابات، ففي كل عملية مُدخلات، معالجات ومُخرجات، الجانبان الأولان جرى تنفيذهما، أما الجانب الأخير (المُخرجات) فهو ما ينتظره الناس طوال السنتين الماضيتين، ولن يقنعهم أن يصدر لهم النواب صحيفة تسطر ما يعتقدون أنهم أنجزوه ما لم يلمس الوطن انعكاسه على الواقع، وهذا الأمر لا يحققه ميثاق شرف، حتى لو وُقع بالدم
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ