العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ

أميركا فشلت في حملتها الإعلامية لإقناع العرب والمسلمين بصداقتها

رصد الملايين لإذاعات وتلفزيونات أميركية موجهة للمنطقة

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

أكد مجلس علوم الدفاع التابع لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الولايات المتحدة فشلت في جهودها لتوضيح أعمالها الدبلوماسية والعسكرية للعالم الإسلامي. وحذر المجلس في الوقت نفسه في تقرير يقع في 102 صفحة أنه ما من خطة علاقات عامة أو عملية إعلامية تستطيع الدفاع عن سياسات الولايات المتحدة التي تعتريها الثغرات.

ويقول التقرير الذي استكمل إعداده في شهر سبتمبر/أيلول الماضي بعنوان «الاتصال الاستراتيجي»: «إن المسلمين لا يكرهون حريتنا، ولكنهم يكرهون سياساتنا»، مضيفاً «انه عندما تتحدث الولايات المتحدة عن جلب الديمقراطية إلى العالم الإسلامي فإن الناس يعتبرون هذه الجهود نفاقاً لا يخدم إلاّ الولايات المتحدة».

ويؤكد التقرير أن المؤسسات الحكومية الأميركية المكلفة بـ «الاتصالات الاستراتيجية» محطمة، داعياً إلى إعادة تنظيم شاملة لجهود الحكومة في العلاقات العامة والدبلوماسية العامة والإعلام.

وذكر التقرير أن «صورة أميركا السلبية لدى الرأي العام العالمي وانهيار قدرتها على الإقناع هي من نتائج عوامل أخرى غير مجرد الفشل في تطبيق استراتيجيات الاتصالات». وقال التقرير أن «تضارب مصالح وحسابات زعامة وسياسات وأخطاء أدت إلى قلق وحذر أصدقاءنا وزودت أعداءنا بمساعدة غير مقصودة»، مؤكداً أن الاتصالات ليست المشكلة الوحيدة ولكنها مشكلة بحد ذاتها.

وقد وصفت القيادة العسكرية والمدنية للبنتاغون التقرير بأنه يستحوذ على الأفكار الأساسية في المناقشة الجارية الآن بصورة حامية والتي تقلق ليس فقط البنتاغون بل الحكومة الأميركية بأسرها. وتتركز المناقشة حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه الولايات المتحدة في إدارة وتوجيه المعلومات لردع من تصفهم الأعداء وإقناع الحلفاء أو الدول المحايدة.

فبركة المعلومات

ويذكر أن البنتاغون قد أعلن في العام 2002 أنه أغلق ما يسمى مكتب التأثير الاستراتيجي بعد افتضاح أمره بأنه كان مخصصاً لفبركة ونشر معلومات كاذبة ومضللة على الصحافيين داخل وخارج الولايات المتحدة.

ويعرض التقرير رؤى مختلفة عن أهمية استخدام الخداع في الحرب من أجل تأكيد تحقيق الانتصار في المعركة وحماية الجنود الأميركيين، لكنه في الوقت نفسه يتحدث عن القلق الذي ينتاب المسئولين عن السياسات العامة فيما يتعلق بعمليات دولية تدخل في حيثياتها استراتيجيات خداع ومعلومات مضللة، إذ يعتبر هؤلاء أنه في مناخ نشر الأخبار على مدار 24 ساعة يوميا وعالم الانترنت، فإن أية عمليات إعلامية في الخارج ستكون مكشوفة بسهولة للشعب الأميركي، وأن أية حكومة ترعى حملة معلومات لا تستند على حقائق سيقوض صدقية البلد.

ويدعو التقرير إلى «جهاز اتصال استراتيجي» دائم داخل مجلس الأمن القومي، ويحث أيضاً على رفع مستوى أدوار ومسئوليات المسئول الكبير المعين داخل الهيئات الحكومية، بما فيها وزارة الخارجية والبنتاغون.

ويقارن التقرير التحديات التي تواجه الولايات المتحدة بعد هجمات سبتمبر 2001 والحرب الباردة التي شنتها ضد الاتحاد السوفياتي، لكن التقرير يقول إن المؤسسات الحكومية الأميركية أثناء تلك الحرب لم تفهم العالم الإسلامي، إذ يسخر التقرير من الحكومة الأميركية لتصويرها ما تسميه التهديد الجديد من التطرف الإسلامي بطريقة تسيء إلى جزء كبير من أولئك الذين يعيشون في العالم الإسلامي.

رغبة التحرر من الخونة والطغاة

ويقول التقرير «إن التناقض الصارخ بالنسبة إلى حقبة الحرب الباردة هو أن الولايات المتحدة لا تسعى اليوم إلى احتواء خطر إمبراطورية بل تسعى إلى تحويل حركة واسعة داخل الحضارة الإسلامية لقبول قيم الحداثة الغربية، وهذه أجندة مغطاة بالعنوان الغامض «الحرب على الإرهاب». ويضيف التقرير ان مقارنة الجماهير المسلمة اليوم بتلك التي كانت تحت الحكم السوفياتي هو «خطأ استراتيجي، فليس هناك توق ورأي عام أو مشاعر سياسية لدى المجتمعات الإسلامية من أجل قيام الولايات المتحدة بتحريرها، باستثناء تحريرها ربما مما تعتبره هذه المجتمعات طغاة خونة مرتدين تشجعهم وتحميهم وتدافع عنهم الولايات المتحدة بتصميم».

ويقول التقرير إن «الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق لم يؤد في أعين العالم الإسلامي إلى الديمقراطية هناك، بل إلى مزيد من الفوضى والمعاناة فقط». ويضيف ان المشكلة الخطيرة في الدبلوماسية العامة الأميركية الموجهة إلى العالم الإسلامي ليست نشر معلومات، ولا حتى صوغ رسالة صحيحة وإرسالها، بل هي مشكلة أساسية تتعلق بالصدقية، وليس هناك في الحقيقة مثل هذه الرسالة ببساطة. فالولايات المتحدة ليس لها اليوم قناة عملية من الاتصال مع المسلمين.

وعلى رغم أن التقرير يقول إن الجهود المبذولة «في الحرب الإعلامية أو كما لايزال البعض يسميها حرب الأفكار أو الصراع لكسب القلوب والعقول» لم تنجح إلاّ أن موازنة الإنفاق الشاملة التي أقرها الكونغرس يوم العشرين من الشهر الجاري قد خصصت 600 مليون دولار لتغطية كلف التوسع في البث الدولي للإذاعات والتلفزة المملوكة للحكومة الأميركية والموجهة إلى المنطقة العربي وجوارها، ومن بين تلك المحطات إذاعة «سوا» وقناة «الحرة».

وقال الناطق باسم البنتاغون لاري دي ريتا إن التقرير قد رفع درجة النقاش داخل البنتاغون لكن لم تتخذ قرارات بشأن إعادة تنظيم الطريقة التي تقوم بها البنتاغون والجيش بإجراء الاتصالات. وأضاف «إننا نصارع هذا الأمر، إلا أنه لا يغير المبدأ القائم على الأقل فيما يتعلق بالبنتاغون، فمهمتنا هي وضع المعلومات إلى الرأي العام بصورة صحيحة ووضعها بأسرع ما نستطيع»

العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً