العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ

متى ندخل عصرنا ونعيش فيه؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يبدأ هذا الأسبوع مؤتمر في دبي يجمع عدداً من القيادات التنفيذية التي أثرت كثيراً في بلدانها، مثل عمدة نيويورك رودي جيلياني، ورئيس «جنرال اليكترك» السابق جاك ويلش، والمفكر توم بيترز، وغيرهم. وينضم اليهم عدد غير قليل من القيادات التنفيذية المحلية في عالم المال والاقتصاد، من بينهم خميس المقلة وبهارت جاشنمال من البحرين.

البعض يطلق على عصرنا تسمية «العصر المعرفي»، أو «عصر ما بعد الصناعة»، وذلك بعد أن أصبحت الفكرة والمعلومة هي الأهم والأغلى، والأهم من كل ذلك هو أن الفكرة لا فائدة لها الا إذا شغلها الإنسان ودشن نتائجها في الحياة اليومية. ولذلك فإن الدول المتقدمة تفتخر بقياداتها التنفيذية المتمكنة من مختلف مجالات الحياة والتي تباشر إدارة جميع المرافق الحيوية.

في الماضي كانت «الصناعة» هي الأهم، أما اليوم فإن الصناعة لا قيمة لها من دون الخبر والمعرفة المختزنة لدى الإنسان القادر على تدشينها. فالقيمة «المضافة» لا تتحقق في عصرنا من خلال معالجة بسيطة للمواد الأولية أو من خلال الصناعات التحويلية، أو الخدمات، أو حتى الصناعات ذات التقنيات المتطورة، وانما تعتمد أولاً وقبل كل شيء على المخزون المعرفي لدى الإنسان القادر على تشغيل تلك الصناعات والخدمات.

وفي الاسبوع الماضي نظم مركز البحرين للدراسات والبحوث ندوة بعنوان: «العرب وتواترات الأزمنة المتغيرة: مجتمعات زراعية في عصر ما بعد الصناعة» للمفكر (ومستشار المركز) محمد جواد رضا. وقد أوضح رضا أننا نعيش في حال اغتراب عن عصرنا، فبينما العالم يعيش عصر «ما بعد الصناعة»، فإن أطرنا الاجتماعية وسلوكاتنا مازالت هي تلك التي نتجت عن مجتمعات زراعية. وهذا الحديث واقعي، لأن العالم انتقل من العصر الزراعي إلى العصر الصناعي في منتصف القرن الثامن عشر، وانتقل في النصف الثاني من القرن العشرين من العصر الصناعي إلى عصر «ما بعد الصناعة»، وتغيرت السلوكات والعلاقات داخل تلك المجتمعات من أنماطها القديمة إلى ترتيبات تتناسب وزمانها. وفي الوقت ذاته بقيت علاقاتنا وسلوكاتنا تعبر عن مجتمع مازال يعيش العصر الزراعي الذي يعتمد على الطوائف والقبائل أساساً للهيكليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذه هي الغربة الحقيقية لأناس يتعاملون مع متطلبات عصر ما بعد الصناعة (العصر المعرفي) وكأنهم في عصر ما قبل الصناعة (العصر الزراعي).

على هذا، لا يستغرب المرء من تأخر مناهج العمل السياسي والاجتماعي في بلداننا مادمنا نعيش في عصر بالجسم فقط، بينما وجداننا في عصر آخر، ونشعر بالغربة ونهرب من عصرنا إلى الوراء لعلنا نجد ما يعطينا بعضاً من الاطمئنان الذي قد يلبس التفسير الديني أو الاثني أو القبلي، ولأنه اطمئنان وهمي فإنه لا ينفعنا في عالم يتحرك بسرعة على أسس أخرى غير التي نكررها ونجترها يوماً بعد يوم، رافضين المراجعة والتقييم ومن ثم الاعتبار بحالنا وحال غيرنا.

إننا بحاجة إلى قدرات وخبرات ترقى إلى مستوى التحدي للمطروح عالميّاً، وهذا ما تتداوله المؤتمرات والندوات في البحرين وخارج البحرين، ولكن ما ينقصنا هو أن يشارك في هذه الحوارات من يمسك بزمام أمور السياسة والاجتماع وليس الاقتصاد فقط

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 813 - الجمعة 26 نوفمبر 2004م الموافق 13 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً