لا يدري المرء أي شعب يمثله مجلس النواب؟ وعمن يدافع؟ وضد من يرفع عقيرته؟ فمجلس النواب أصبح فاقداً للجهات الأربع، ولا يدري هل يتقدم أم يتأخر بعد أن ازداد توحله في بحر الانتقادات، فواقع النواب يبعث على الشفقة، لكونهم يهاجمون الناس في عملية هروب مضحكة محزنة إلى الأمام، لا تخلو من هياج يشبه ما نشاهده في حلبات المصارعة، وبدل ممارستهم الدور التشريعي والرقابي في حدوده الدنيا، والتصدي لملفات الفساد المتراكمة، تراهم يقيدون حريات الناس، ويفرضون الوصاية عليهم أكثر فأكثر. البيان الذي أصدره مجلس النواب قبل أيام بشأن اختصاصه لوحده في إصدار القوانين - مع أنه لم يصدر قانوناً واحداً حتى الآن - وإنكاره على الجمعيات صوغ قوانين بديلة عن قانوني «التجمعات» و«الجمعيات السياسية»، هو مصداق للمثل الشعبي «لا يرحم، ولا يخلي رحمة الله تنزل»، ومن سمح للنواب بهذا السلوك هو الجمعيات المقاطعة نفسها، لأنها قاطعت الأنتخابات لقناعتها بعقم المجلس من الناحية التشريعية والرقابية، ومع ذلك: يصرّ بعض أعضائها على تمرير القوانين البديلة من تحت الطاولة إليه، فما هذه الموهومات التي تحرك المقاطعين تجاه المجلس، وهم يرون بأم أعينهم عقم نتائجه؟ أما حيرة الجمعيات المقاطعة تجاه القوانين المقيدة للحريات، فلكونها تحس بأن النواب يمارسون دوراً سلبياً في التشريع بإقرار هذه القوانين، ولهذا تتحرك باتجاههم في ردة فعل خاطئة ومرتبكة، وتهمل رصيد الشارع، وهي قادرة على أن تعطي للقوانين البديلة قوة سياسية عبر جمع تواقيع الناس عليها، كما فعلت المعارضة في إحدى الدول العربية قبل شهور حين جمعت تواقيع مليوني مواطن على دستور بديل قدّمته، فهذه المعادلة ستفرز الخلل في حجم تمثيل النواب للناس مقابل تمثيل القوى السياسية لهم، وبإمكانها في اتجاه مضاد أيضاً تقديم طعون دستورية في حال طبق القانون
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 811 - الأربعاء 24 نوفمبر 2004م الموافق 11 شوال 1425هـ