في انتظار قدوم شهر يناير/ كانون الثاني المقبل يحتدم الجدل والصراع الديمقراطي وغير الديمقراطي في بلدين عربيين يمران بظروف استثنائية أملتها مرارات خضوعهما لقوى محتلة مختلفة. البلد الأول هو فلسطين المحتلة التي تنتظر إجراء انتخابات رئاسية تعد الأولى بعد رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. والبلد الثاني هو العراق الذي يخضع لاحتلال القوات الأميركية والبريطانية ويستعد لإجراء أول انتخابات برلمانية يفترض أن تكون حرة بعد رحيل نظام صدام حسين.

مصادفة غريبة تجمع بيت البلدين الجريحين، إذ يعتبر يناير 2005 القاسم المشترك بينهما لمعركة انتخابات في بلدين محتلين. الأولى ستجري في فلسطين في التاسع من يناير والثانية في العراق في 30 يناير. والقاسم المشترك الثاني هو المخاطر المحدقة بالعمليتين الانتخابيتين: ففي فلسطين رشحت حركة فتح محمود عباس (أبومازن) ليكون خليفة عرفات ولكن هناك من يرفض هذا الترشيح وسبق أن حاول إيصال تلك الرسالة بإطلاق النار على المرشح. في العراق هناك قوى ترفض قيام الانتخابات من أساسها باعتبار أنها ستكون غير حرة في ظل الاحتلال وفي ظل الظروف الأمنية المتردية في البلاد.

ظرفان متشابهان في التحدي والمخاطر، لكن هل ينجح صوت العقل ويتفق الجميع على اعتماد خوض غمار المعركة بالوسيلة الديمقراطية وحسم الصراع والاختلاف عبر صناديق الاقتراع؟ أم سيغلب صوت الرصاص والموت على هذا المنطق وتصير البندقية هي الفيصل، ما يعني أن الأوضاع في هذين البلدين ستسير مما هو سيئ إلى ما هو أسوأ. ويحق لنا عندها أن نقول «يا يليت يا زيد ما غزيت»