المتابع لمسيرة ومقالات الحوار الإيراني الأوروبي الذي كان يتمحور حول برنامج إيران النووي لا يمكنه أن يتنبأ بمستقبل أفضل لعلاقات إيران مع أوروبا التي اتسمت على الدوام بالمنعة تجارياً واقتصادياً والفتور والريبة سياسياً.
غير أن أخبار أمس (الاثنين) حملت اختراقاً جديداً يضاف إلى قدرات إيران على اختراق الجدر الأوروبية مهما تكثفت سماكتها. إذ أعلنت عملاق الصناعات النفطية شركة «شل» اعتزامها اقتسام كلفة مشروع الغاز الإيراني العملاق مع شركة «ريبسول» الاسبانية. وتقدر قيمة استثمارات المشروع بنحو أربعة مليارات دولار أميركي. إذ ذكرت «شل» أمس أنها ستتقاسم مع «ريبسول» استثمارات تقدر بما يتراوح بين 1,5 مليار و 2,0 مليار دولار في أعمال تنقيب وإنتاج في إطار مشروع مشترك لتصدير الغاز الطبيعي المسال من إيران اعتباراً من العام 2009م. وستملك كل من «ريبسول» و«شل» حصة تبلغ نسبتها 25 في المئة من مصنع تسييل الغاز في المشروع المشترك. وفي السياق ذاته قال نائب رئيس «ريبسول» لشئون التنقيب والإنتاج ميجيل انجل ريمون: «من إجمالي الاستثمارات التي تقدر بأربعة مليارات دولار تمثل عمليات المنبع نحو النصف سنتقاسم الكلفة مع شل».
ومرة أخرى في سياق علاقات اتسمت على الدوام بالتأرجح تغلب منطق المصلحة على منطق الأيدولوجيا والمواقف وتتقدم أوروبا نحو إيران وعينها على الثروات والمستقبل الواعد غير آبهة بالتصلب الأميركي الذي يستهدف الحصول على كل شيء أو نسف المعبد بمن فيه فيما يمضي المنطق الأوروبي إلى أخذ المتاح والمضي قدماً لأخذ المزيد.
منطق المصلحة، الذي يعد منطقاً أصيلاً في لغة التجارة، تغلب في خاتمة المطاف على ما عداه في سياق صراع اتسم على الدوام بالريبة بين حضارتين ومنهجين على طرفي نقيض غير أن آليات التجارة هي التي سادت في النهاية. وكسبت إيران أرضاً جديدة في معركة لم تكتمل فصولها بعد
العدد 809 - الإثنين 22 نوفمبر 2004م الموافق 09 شوال 1425هـ