تحتضن البحرين في الفترة ما بين 23 و24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري المؤتمر الاقتصادي الأول تحت عنوان «مجلس التعاون الخليجي 2010 من المنافسة إلى التكامل» الذي تنظمه جمعية الاقتصاديين البحرينية. عنوان المؤتمر وجردة سريعة لمحاور المؤتمر تكفي للقول إن الجمعية، ومعها المؤتمر طبعاً، يحاولان كسر أسر أغلال الذهنية البدوية، التي تحكم الكثير من المؤتمرات، ذات الأفق المحدود موضوعاً بالحديث عن قضايا اقتصادية شبه تقليدية غالباً ما تصب في طاحونة الإعلام بمعناه البدوي المحدود أيضاً: إنجازات، معجزات... إلخ، وزمنياً بالقصر الذي لا يستطيع أن ينظر إلى أبعد من أنفه، ومن ثم فليس في قاموسه التنموي ما يتجاوز العام وفي أفضل الأحوال عامين. فعنوان المؤتمر لا يلغي وجود عوامل التنافس بين دول مجلس التعاون، لكنه يلفت النظر إلى إمكانات التكامل. ومن ثم فهو يضع أمام المشاركين مناقشة جدلية التنافس والتكامل عندما توضعان إحداهما امام الأخرى. كذلك الأمر لأفق ذلك التعاون فليس أن يتم تحقيقه اليوم أو بعد غد، إنه في العام 2010 وهو موعد ليس بالبعيد بالمفهوم الاقتصادي التنموي، لكنه بلاشك بعيد جداً في القاموس البدوي.
وقفة أخرى عند محاور المؤتمر وجردة سريعة فعناوين جلساته وبعض أسماء المتحدثين فيها تؤكد الشعور بأن الجمعية تهدف فيما تهدف إليه الخروج من شرنقة البداوة. يعزز هذا الشعور محور «دور التكنولوجيا الرقمية في التكامل الاقتصادي». فهي لفتة مستقبلية إلى العلاقة بين التكنولوجيا والاقتصاد ومن ثم التنمية. وهنا كان بودنا لو كان العنوان «الاقتصاد الرقمي...» بدلاً من التكنولوجيا الرقمية، فالاتجاه الحديث الآن الذي يحكم الاقتصادات الحديثة المتطورة هو ذلك الاقتصاد القائم على آليات وعوامل العلاقات الاقتصادية الرقمية التي ليست التكنولوجيا الرقمية سوى إحدى تلك العوامل وليست عنصراً مكملاً لها.
هذه النقطة نضعها أمام المؤتمر قبل بدء جلسات هذا المحور لقناعتنا بأن المدخل لهذا المحور هو الذي سيحدد نقاط النقاش ومن ثم مساره وبالتالي النتائج التي سيتوصل إليها. فالاقتصاد الذي يتجه نحو التكنولوجيا الرقمية عليه أن يزيل من ذهنيته ومن ثم استراتيجيته ذلك الفصل بين التكنولوجيا وتطورها والاقتصاد وتناميه، فهناك نوع من التداخل ومن ثم التكامل العضوي وليس التنسيقي أو التعاوني بين التكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الرقمي أو ذلك الاقتصاد الذي يتجه نحو الرقمية.
هذه الملاحظة لا يخامرنا الشك في أن القائمين على المؤتمر ومن ثم المتحدثين فيه لا يمكن أن تفوتهم
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 807 - السبت 20 نوفمبر 2004م الموافق 07 شوال 1425هـ