الخبر الصادر عن مجلس التنمية الاقتصادية والمنشور في الصحافة اليوم حول مشروع «الإصلاح الاقتصادي» يحمل في طياته أخباراً مفرحة للقطاع الخاص. فمنذ أن طرح مجلس التنمية دراسة ومقترحات مؤسسة «ماكينزي» في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي بشأن حزمة الحلول لإصلاح سوق العمل ارتفعت أصوات أصحاب الأعمال لتقول: إن المنطق يحتم علينا أن نبدأ بتحديد الاستراتيجية الاقتصادية للبحرين أولاً، ثم نقوم بتوجيه إصلاحات سوق العمل نحو الطريق الصحيح.
وعليه فإن إعلان مجلس التنمية الاقتصادية ورشة عمل عن الإصلاح الاقتصادي في يناير/ كانون الثاني المقبل سيكون مفرحاً للقطاع الخاص، لأن الورشة تهدف إلى تبادل الآراء والتصورات لوضع رؤية استراتيجية لمستقبل الاقتصاد الوطني وتطوير البيئة الاستثمارية ورفع القدرة التنافسية لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ودراسة السبل الهادفة إلى تأهيل القطاع الخاص ليأخذ دوره التنموي باعتباره المحرك الأول لمستقبل التنمية البحرينية.
لدينا فرصة نتنفس من خلالها بسبب ازدياد أسعار النفط والتي أصبح متوسط معدلها هذا العام 35 دولاراً للبرميل، ومن المتوقع أن ينزل المعدل قليلاً العام المقبل إلى 31 دولاراً للبرميل. وتسببت زيادة أسعار النفط في ازدياد النمو في الاقتصاد لهذا العام بمعدل 7,5 في المئة، ومن المتوقع أن يقارب الـ 7 في المئة العام المقبل أيضاً.
البحرين لديها فرصة أخرى تتمثل في توقيعها اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وفيما لو أحسنت الاستفادة من الاتفاق، فبالإمكان أن ينشط القطاع الخاص وينمو. وبذلك فإن الورشة المقبلة ستكون مهمة لتحديد القدرة التنافسية للبحرين. فلدينا قطاع مصرفي متطور، وهناك محاولات لتعزيز هذا القطاع عبر تطوير الصيرفة الإسلامية والتكافل والتأمين، وهذه في حدّ ذاتها تسحب معها صناعات مهمة مثل: المحاسبة، الاستشارات الإدارية وتقنية المعلومات، وهي مجالات مجزية لمن يعمل فيها.
البحرين عليها أن تواجه المستقبل وتتخذ قرارات صعبة، فقطاع صناعة الملابس (مثلا) ليس مجزياً، ومع تحرير السوق العالمية وإلغاء نظام «الكوتا» عن البحرين في المستقبل القريب، فإننا بالتأكيد لن نستطيع منافسة بنغلاديش أو الدول الأخرى ذات الأعداد السكانية الهائلة.
الاستراتيجية ستكون مهمة للجميع، لأن البحرين لن تستطيع اجتذاب رأس المال الأجنبي والمحلي إلا إذا كانت هناك رؤية واضحة للقطاعات التي سيتم التركيز عليها. فمصادر الحكومة تأمل في اجتذاب قرابة مليار دولار من الاستثمارات السنوية، وهذا الرقم لو تم الحصول عليه، فبالإمكان أن يحرك العجلة الاقتصادية، ويشغل الأيدي العاملة البحرينية، فيما لو كانت الاستثمارات في القطاعات المناسبة للبحرينيين.
ولكن، وقبل أن نستطيع اجتذاب مليار دولار للاستثمار في البحرين، فإن علينا أن ننظر إلى واقع مؤلم يتحدث عن تحويلات مالية للعمال الوافدين بمعدل يزيد عن مليار دولار سنويا، بمعنى علينا ان نقلل التدفق من البحرين الى الخارج، في الوقت الذي نفكر في اجتذاب المال الى الداخل.
الاسوأ من ذلك أن هناك نحو 20 مليار دولار للبحرينيين الاثرياء، مخزونة أو مستثمرة خارج البحرين، ولو عادت ولو نسبة وجيزة من هذه الاموال البحرينية الى البحرين، حتى ولو 5 في المئة منها، فإن البحرين بألف خير. وعندما يبدأ المستثمر المحلي بضخ رأس ماله في بلاده، فإن ذلك سيعطي الثقة لرؤوس الأموال الأجنبية لأن تفكر في البحرين أيضاً. ولكن قبل هذا وذاك، نحن بحاجة لمعرفة الاستراتيجية الاقتصادية لبلادنا ووسائل تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 807 - السبت 20 نوفمبر 2004م الموافق 07 شوال 1425هـ