لا أريد أن أضرم النار في ثوب أحد على رغم اني اعتقد ان مرحلتنا متقلبة ومؤلمة أيضاً في بعض مواقعها. صحيح ان هناك متشائمين يقولون: ان هؤلاء معشر «الوسطيين» يريدون ان يزرعوا الورد الأبيض في الأرض الخراب، لكن لا أراها إلا استسلاماً للتشاؤم. إذا كانت مرحلتنا السياسية صالحة فهل الصواب أن نعقم الجروح بالملح أو بحمل دلاء من الدموع وسكبها عليها؟
ثقافة «الخنساء» في سكب الدموع لن تعيد لنا «جرير» المطالب حتى ولو ابيضت عيوننا من الحزن... كلنا يعرف أين تكمن أخطاء مؤسساتنا وأين يجب أن يكون الإصلاح، ولكن السؤال المهم هو: كيف نحقق الإصلاح؟ ما الآليات؟ ما أقصر الطرق الأكثر واقعية؟
دعونا من ذلك، أنا على يقين لو أن الجميع اشترك في الملفات التي مرت على البلاد لا اقتربنا من النجاح. ملف التأمينات والتقاعد ولد يتيماً ولم يتبنه إلا القلة، ملف التجنيس كذلك، ملف الفساد المالي والإداري، ملف الكهرباء، ملف الأوقاف، ملف التمييز، ملفات ضخمة لو تركنا الحساسيات لا استطعنا أن نخدم الناس فيها... وهنا أهيب بالإخوة النواب بفتح ملف الأوقاف السنية لنرى ما فيها هي الأخرى، وخصوصاً بعد وصول بعض الرذاذ الذي انتشر على أوراق التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية التابع لديوان جلالة الملك. فالتقرير الذي قامت بعرضه صحيفة «الوسط» يوم الخميس كان مليئاً بالمعلومات، وهنا سأعرض فقرة من التقرير وردت في صفحة (83) للفقرة الـ 14 وقد كتبت تحت عنوان: «المعاملات مع الأطراف ذات العلاقة». «لوحظ عند مراجعة المشروعات الإنشائية التي نفذتها إدارة الأوقاف السنية، قيام الإدارة بتكليف مؤسسة للاستشارات الهندسية تعود - والكلام لايزال لديوان الرقابة - ملكيتها لأحد أعضاء مجلس الأوقاف السنية للقيام بأعمال التصميم والإشراف الخاصة بمشروع إنشاء برج الحورة وذلك بمبلغ 151,216 ديناراً. كما قامت الإدارة بتوقيع عقد إنشاء مبنى ديوان الخدمة المدنية (تحت الإنشاء) بمبلغ 1,7 مليون دينار مع إحدى الشركات من دون طرح المشروع في مناقصة، علماً أن 50 في المئة من رأس مال هذه الشركة تعود ملكيتها لابن وأخ العضو نفسه، علاوة على ان فكرة تنفيذ الإدارة لهذا المشروع تعود أصلاً للشركة المنفذة نفسها، وذلك وفقاً لإفادة مدير الإدارة».
رد الأوقاف السنية «ان أعمال التصميم والإشراف على المشروع قد تمت قبل دخول العضو المذكور في عضوية مجلس الأوقاف، وتمت أيضاً بعد الحصول على عدة عطاءات من بعض المكاتب، اما بشأن مشروع مبنى ديوان الخدمة... فإن قانون الأوقاف لم يحظر على أقارب العضو والموظف التعامل مع الإدارة».
هنا أطرح أسئلة على الأوقاف السنية:
1- لماذا مشروع ضخم يتم إرساؤه على شركة تعود ملكيتها لابن وأخ عضو في إدارة الأوقاف؟ وإذا كانت حجتكم لا لبس فيها وقمتم بتوضيحها للمشرفين من ديوان الرقابة فلماذا قاموا بإعادة طرح ملاحظتهم؟ ألا يدل ذلك على انهم لم يقتنعوا بالإجابة؟
2- لم تقوموا بتبيين النقطة التي طرحها تقرير الديوان من «ان فكرة تنفيذ الإدارة لهذا المشروع تعود أصلاً إلى الشركة المنفذة نفسها» ودليلهم في ذلك ما جاء «وفقاً لإفادة مدير الإدارة». هل تعتقدون ان هناك أهمية لأي عطاء من أية شركة مهما كانت أهميته لدى الإدارة في مشروع جاءت فكرة إنشائه من شركة تطمح لإنشائه؟
3- ما مقدار جدية العطاءات؟ وهل المناقصة فصّلت بطريقة عفوية؟ وهل إرساء المشروع على شركة تابعة لابن وأخ عضو في إدارة الأوقاف السنية جاء صدفة؟ هل بإمكان الإدارة ان تكشف عن بقية المشروعات والمناقصات؟ وهل لها أن توضح أسماء كل من تعامل مع الأوقاف في مشروع أو بيع أو استئجار وهو عضو في الإدارة؟ هذه بعض الأسئلة سنتبعها بأسئلة أخرى في حلقات مقبلة.
ملاحظة: مقال الخميس الماضي ظهرت فيه عبارة مطبعية خاطئة، وهي «وأضيفت إلى التقرير معلومات أخرى...»، والصحيح هو و«أُضِيفُ إلى التقرير»
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 806 - الجمعة 19 نوفمبر 2004م الموافق 06 شوال 1425هـ