غادر الأب والأم عيادة الخبير النفسي التربوي وهما عازمان على تطبيق كل ما تعلماه من طرق حازمة لردع ابنهما المراهق ياسر ومساعدته على تطوير شخصيته. جلس الأب مع ابنه مساء في غرفة المعيشة بعد العشاء وبدأ حديثه معه قائلاً «ياسر... دعنا نتحدث عن المشكلة التي حدثت أخيراً بيننا... أنا مضطر يا بني أن أسحب منك بعض امتيازاتك بسبب تصرفاتك السلبية أخيراً «رد ابنه بنبرة خائفة» ما معنى ذلك؟ هل ستمنعني من الخروج يوم الإجازة؟ قال والده «نعم... إلا إذا قمت بالقيام بواجباتك المدرسية والمنزلية الخاصة بك... وكذلك إذا استرجعت علاماتك الدراسية المتفوقة... وأصبحت تذهب إلى المدرسة بانتظام... وانقطعت عن تناول الكحول... هل أنت مستعد لأن تلتزم بكل هذه القواعد حتى تستطيع الخروج مع أصدقائك بعد المدرسة وفي يوم الإجازة... لكن عليك العودة الساعة السادسة مساء... ونتوقع منك أنا وأمك أن تكتب لنا ملاحظة أو تعلمنا عن طريق الهاتف إذا كنت تريد الذهاب إلى أي من هذه الأماكن بعدالمدرسة... هل هذه القواعد واضحة لك؟ رد ياسر «نعم ..لكن ألا ترى معي أنها تقيدني كثيراً... أعتقد لا داعي لأن أتصل هاتفياً أو أترك ملاحظة لكي أخرج مع أصدقا ئي خلال النهار ما دمت سأعود الساعة السادسة مساء» لكن والده أجاب إجابة قاطعة لا تراجع فيها «كلا... هذه هي القواعد التي نشعر أنا وأمك بالارتياح لها حالياً بعد كل التصرفات اللامسئولة التي قمت بها». «ماذا سيحدث لو غلطت أو نسيت؟» رد والده: «إذا تراجعت علاماتك الدراسية أو لم تذهب إلى المدرسة بطريقة غير متوقعة ستخسر امتيازاتك الجديدة حتى تحصل على الأقل على تقدير جيد مع حضورك الدائم للمدرسة... إذا لم تعلمنا أين ستذهب بخلاف المدرسة ستخسر اسبوع لن تخرج خلاله مع أصدقائك بعد المدرسة... إذا أعدت تصرفك مرة أخرى... ستحرم من أسبوع آخر. سأل ياسر «هل في إمكاني حضور حفلات أصدقائي ليلة الإجازة؟» أجاب الأب «تستطيع ذلك إذا أعلمتنا من قبل ولم تتأخر عن الساعة الثانية عشر... إذا لم تحضر في الوقت الذي نحدده... ستضطر إلى الحضور الساعة الحادية عشر في المرة التي تليها... إذا عدت مخموراً ستحرم من هذه الحفلات لشهر كامل... ولن أسمح لك أخذ دروس السياقة قريباً كما وعدتك... لكنك في كل مرة تلتزم بالموعد الذي حددناه سنكافئك بأن نمنحك وقتاً أطول بنصف ساعة تقضيه مع أصدقائك...» قال ياسر «لقد تقبلت كل ما طلبتماه مني إلا أمر واحد فقط... لماذا علي أن أعلمكما أين (2) سأذهب... لم أكن أفعل ذلك من قبل... فلماذا أفعله الآن مادمت ملتزم بالقواعد الجديدة». أجاب والده «لإننا بحاجة لإن نشعر بالراحة في تعاملنا معك في الوقت الحاضر... نستطيع أن نناقش ذلك الموضوع بعد فترة قصيرة من إثباتك لنا تحمل مسئولية تصرفاتك ونقوم بإلغائه بعده... قد نبدو بالنسبة لك قاسيين قليلاً... لكننا نهتم بك كثيراً... هل ستلتزم بهذه القرارات. وافق ياسر... وبدأ الأب والأم في تطبيق هذه القواعد في اليوم التالي وتابع الخبير التربوي في عقد اجتماعاته مع والديه مرتين شهرياً... لمدة ستة أشهر متوالية... أما كيف سارت الأمور...؟ فقد كانت كالآتي خلال الأشهر الثلاثة الأولى كان تعاملهم معه حازماً... إذا تأخر في عودته مساءً عن الوقت المحدد له خلال إجازته الأسبوعية... كان يفقد نصف ساعة من وقته المسموح له به... ثم يلتزم مرة أخرى في مواعيده خلال أسابيع قليلة... ثم يعود إلى اختبار والديه في مدى جدية تطبيقهما لقواعدهما عليه... بأن يتأخر مرة أخرى... حتى إن والده شعرا أنهما يجب أن يكونا أكثر حزماً معه... وعاقباه بحرمانه من إجازته الأسبوعية لمدة اسبوعين... وبعدها تطورت أموره... وبدأ جدياً في التزامه بموعد عودته. أما بالنسبة لقاعدة أخذ إذنهم أو إعلامهم بذهابه إلى بيت أصدقائه... فقد كان أحياناً يتجاهل أو يتناسى أو ينسى... فكانا يحرمانه من مشاهدة برنامج مفضل عنده خلال الأسبوع... ومع الوقت ومع إدراكه أن لا مفر من عدم الالتزام بهذه القاعدة... بدأ يلتزم بها تماماً وذلك بعد مرور ثلاثة أشهر... لكن ياسر حافظ على تقدمه الدراسي... ولم يعد أبداً مخموراً من إجازته الأسبوعية... لقد قرر بعد ذلك أن يتأقلم مع قواعد البيت التي وضعاها والديه لإنه وجد حزماً منهما إذا لم يلتزم بها... وهكذا تعود على أن يكون مع الوقت شخصاً مسئولاً عن تصرفاته . من كل ذلك يتضح لنا أن التربية الحازمة بحاجة من الأب والأم إلى الحزم والحنان وعدم التراجع أو التردد... والإتفاق في الرأي بين الأب والأم في تعاملهما مع أبنائهم لكي يصلا إلى النتيجة المطلوبة التي وصل إليها ياسر
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 806 - الجمعة 19 نوفمبر 2004م الموافق 06 شوال 1425هـ