مع التصاعد الجنوني لأسعار النفط في الأسواق العالمية التي بلغت ذروتها وسجلت أرقاما قياسية خلال الشهر الماضي عاود المحللون طرح الأسئلة الملحة التي أقلقت مضاجع مخططي وصانعي السياسات الاقتصادية في كبريات الدول المستهلكة للنفط وكانت سائر الأسئلة تتمحور حول مستقبل صناعة النفط وتسويقه واستهلاكه في ظل بروز مستهلكين جدد أكثر شراهة مما توقعه المحللون لاسيما في البلدان التي شهدت نمواً قوياً زاد بموجبه طلبها للنفط لاسيما الصين والهند وبعض الدول الآسيوية التي أسهمت حاجتها الماسة للنفط، والسعي إلى شرائه مهما كلفها الأمر، في تسارع وتيرة المسيرة التصاعدية لأسعار النفط التي لامست الجنون الشهر الماضي.
وفي موازاة ذلك عاود الكثير من المحللين الحديث عن السلام والأمن العالميين وفي مناطق إنتاج النفط على وجه التحديد غير أن منطقة الإنتاج الأكثر ثراء كان تغلي في الحروب فالعراق ما زال ملتهبا وفلسطين لم تعرف الهدوء بعد والأعمال الإرهابية تنتشر بصورة سرطانية في المنطقة الأمر الذي دفع بأكثر من محلل إلى الجهر بالقول ان الأمر يقتضي تكثيف البحث عن مصادر أخرى لإنتاج النفط.
وفي هذا السياق كانت إفريقيا خيارا نموذجيا منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي ذلك لأن القارة المنهكة بالحروب والفساد الإداري والأمراض المزمنة مازالت واعدة وتعتبر واحدة من المنابع الأكثر ثراء فضلا عن أن نفطها يعبر مباشرة، وعبر المحيط، سواء كان ذاهباً إلى أوروبا أو أميركا أو آسيا، من دون المرور بمناطق ملتهبة. تعزز هذه الفرضيات النتائج المذهلة التي حققتها بلدان إفريقية في مضمار الاستثمار في الصناعة النفطية فها هي أنغولا، التي تعد غنية بما يكفي من النفط، تجني أرباحا غير متوقعة من النفط وصلت إلى 600 مليون دولار في العام الجاري. وأسهم النفط في رفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى 1200 دولار في العام 2004 من 764 دولاراً في العام 2002.
وفي هكذا وضع هل نتوقع أن تذهب الاستثمارات النفطية الضخمة التي من المتوقع ضخها في صناعة النفط إلى إفريقيا خلال العقد أو العقدين المقبلين؟ إن صناعة النفط في اللحظة المضطربة الراهنة تحتمل مختلف التوقعات
العدد 803 - الثلثاء 16 نوفمبر 2004م الموافق 03 شوال 1425هـ