تشكل الحوادث الخطيرة التي تشهدها ساحل العاج حاليا خطورة على التوازن في غرب افريقيا كلها وستكون لها نتائج خطيرة على مجمل الأوضاع في المنطقة. وهو الأمر الذي يثير مجددا الكثير من الأسئلة بشأن أهداف سياسة فرنسا من وجودها العسكري في المنطقة.
من ذا الذي يعطي القوات الفرنسية الحق في القيام بعمليات عسكرية انتقامية ضد قوات بلد مستقل توجد في أراضيه بحجة حفظ السلام فيه. فقد تحججت فرنسا بأن طيران ساحل العاج، وان صح ذلك، قام بعمليات محدودة ضد مواقع عسكرية للمتمردين توجد فيها القوات الفرنسية ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى منهم 8 من الفرنسيين وأحد المدنيين الأميركيين.
الرد الفرنسي كان سريعا وغريبا وغير مبرر. فبدلا من التقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة قامت تلك القوات بتدمير 3 طائرات عاجية بمطار ياموسوكرو وعدد من المنازل المحيطة بقصر الرئاسة ودمرت ثلاث طائرات أخرى ثم توجهت إلى مطار أبيدجان واحدثت خسائر بالطائرات المدنية التابعة للرئاسة، كما بدأت في احتلال بعض المواقع الاستراتيجية مثل منطقة الرئاسة والجسور والمطارات. وكما حدث في أكثر من بلد افريقي ذاق مرارة الحروب الأهلية خدمة لاستراتيجيات الغرب الذي يحلم باستعادة السيطرة على ثروات تلك البلدان، أشيع أن الصراع في ساحل العاج هو بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي.
أمر غريب يحدث في عالم اليوم المتحضر ويتم السكوت عنه على كل المستويات. ولو حدث هذا في مكان مغاير وضد قوات مختلفة لسمعنا ضجيجا وتهديدات بفرض عقوبات وتحريك قوات تحالف دولي. إلى متى تصمت شعوب العالم الثالث عن المطالبة بحقوقها ولماذا لا تحتج على انتهاكات حكومات الدول الاستعمارية السابقة لسيادتها ولحرية مواطنيها؟
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 802 - الإثنين 15 نوفمبر 2004م الموافق 02 شوال 1425هـ