الإمام علي «ع» كان رجل السلم لا يمد يده إلى السيف مادامت هناك فسحة للقاء الحوار وهو القائل: «لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين». اعتقد أن الحقوق ترسخ ويمكن الحصول عليها بالسلم وليس بالعنف، حتى الدول التي تلتجئ إلى العنف فانها تضيع نفسها ولنا تجربة في ذلك، العراق... وصدام هجم على الكويت بالسلاح وكانت النهاية سقوط البعث. يقول غاندي: «أكبر قوة تملكها البشرية هي اللاعنف. انه اشد فتكا من كل أسلحة التدمير التي اعدها عقل الانسان».
دعونا كدول وكقوى سياسية نقرأ كلمة غاندي قراءة متأنية: لماذا اللاعنف هو اقوى سلاح؟ لأن اللاعنف يعطيك فرصة التنمية، يعطيك فرصة ان تضعف الفساد، ان تضعف المحسوبية، ان تضعف ديناصورات المال المتضخمة على حساب الفقراء، لأن اللاعنف يعطيك فرصة ان تعبر عن رأيك، يعطيك فرصة أن تؤهل نفسك ماديّاً وعلميّاً ولو بصورة متلكئة وهكذا تدريجيا تبدأ بتقوية المجتمع المدني إذ يكون هناك مجال لمؤسساته أن تلعب دوراً في صوغ الوعي العام وفي بلورة واقع مدني آخر.
الحرية لا تنزل من السماء بـ «برشوت». لها ثمنها وضريبتها وتكمن قدرتك في كيفية توسيعها وفي المقابل على الدولة بمؤسساتها أن تمنح الناس مزيداً من الحرية وان اخطأوا في ممارستها، فهم في بداية تعلم الف باء الحوار والمفاوضات والسلم وبناء الثقة... وكلنا (دولة وشعباً) للتو انفتحنا على الحوار مع بعضنا بعضاً. وهنا اركز كثيرا على قضية الشعارات. شعارات الخصام تختلف كثيرا عن مرحلة شعارات بناء الثقة وشعارات الارضية المشتركة، وشعارات بناء البلد على الشراكة والتواصل وعلى الاثنين ان يخرجا عن مرحلة المنطقة السوداء والبيضاء إلى منطقة المرحلة الرمادية.
لهذا ينبغي على الدولة ألا تضغط باتجاه تمرير قانون التجمعات العامة (الوجه الآخر لقانون أمن الدولة). نحن طردنا هندرسون من الباب ولا ننتظر ان يرجع الينا من الشباك في الضفة الاخرى يجب علينا ألا نعطي أي مبرر للمتصيدين بالدفع نحو قوانين جائرة. يجب ان تضبط الشعارات لأن اي انتكاسة أمنية او سياسية سيكون ضررها على المجتمع أكبر من ضررها على الدولة وعلى رغم التلكؤ الاقتصادي يبقى الواقع السياسي والأمني الحالي أفضل ألف مرة من السابق، لهذا ينبغي لنا أن نوظف الاستقرار السياسي والامني نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي. لهذا ينبغي على الدولة أن تشرك الناس في فرص الدولة لازالة الاحتقانات. اما بالنسبة إلى المؤسسات والوزارات فيجب ان نعمل على رقابتها ماديا وادارياً فوزاراتنا تنخرها التجاوزات والمحسوبية لكن للأسف مازالت تنقصنا فرق عمل مجتمعية ونواب فاعلون - سوى قلة - لطرق هذه الابواب بعيدا عن المزايدات والصحافة. كان بودي طوال هذه الفترة ان اصل إلى توافق مع وزارة الاعلام لما جرى من هموم وقضايا على مستوى القطاع السياحي بعيداً عن جدل الصحافة لكن لم ار اذنا صاغية الا من مسئول واحد رفيع المستوى وكنت اتمنى ان المستوى الاعلى في الوزارة يقبل بالحوار أو الانفتاح المتبادل لكن لم ار اي مبادرة، لهذا سأعمد إلى فتح باب النقاش في هذا الملف قريبا بما تسمح به الظروف الموضوعية وبما يخدم الملف والمصلحة العامة الاخلاقية منها والوطنية والاقتصادية.
عوداً على بدء، اقول لا نريد محسوبيات في الوزارات. لا نريد تقسيماً بين المواطنين. لا نريد محسوبية، فرؤساء لجان التوظيف او لجان التظلم هم مديرو الموظفين المتظلمين. ولاشك ان هذا ضحك على الذقون على مستوى التوظيف ومنح البعثات والدرجات والرتب. هل سمعتم النكتة السياسية التعليمية في مصر وهي تعكس صورة حقيقية لواقعنا؟ تقول النكتة «ذهب معلم إلى قريبه وزير التعليم وقال له: الحقني... سيعيدون امتحان المعلمين... وحتماً سأسقط. فرد الوزير: في هذه الحالة انا مضطر إلى أن أعينك رئيس لجنة الامتحان».
إلى يومك لم يرد ديوان الخدمة المدنية (هذه القلعة المحصنة) على أسئلتنا لماذا لا يتم نشر اسماء المرشحين للتوظيف في الوزارات عبر الصحافة... ردّ رداً يضحك الثكلى. هل السؤال غير منطقي؟ اذا كنتم تأخذون بمبدأ التكافؤ في الفرص وليس المحسوبية، فلماذا لا تنشرون الاسماء في الصحافة؟ اريد اسماء المرشحين لكل الوزارات بلا استثناء.
انا في انتظار الاجابة. حدثت مشكلة في ديوان الخدمة قبل فترة سأتكلم عنها لاحقاً
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 802 - الإثنين 15 نوفمبر 2004م الموافق 02 شوال 1425هـ