العدد 802 - الإثنين 15 نوفمبر 2004م الموافق 02 شوال 1425هـ

الصفار: البحث عن فنان جيد يشبه التنقيب عن قطعة أثرية

بسبب سوء التعامل والتهميش والإقصاء...

الوسط - محرر الشئون الثقافية 

تحديث: 12 مايو 2017

لا تخلو الصورة من تشوهات عدة ومن زوايا معتمة لم تصلها إضاءة ما على امتداد أفقها المسرحي الطويل. وكأن هذا المسرح قدر له أن يرجع الى أولى خطواته ليعيد الحفر وشق الآبار للخروج الى ضوء النهار.

وليس أدل على ذلك من تلك الهموم والوساوس التي سيطرت من قبل على المسرحيين وها هي اليوم تقلق الجيل الجديد منهم وتقض مضاجعهم. لأن بصيصاً من الضوء لم يلح بعد ولأنهم أي المسرحيين ملوا وقوفهم أمام أبواب الجهات الرسمية وشمس الظهيرة - تكاليف الحياة وصعوبتها - تلفحهم بنارها. إذا ليس بالغريب أن تكون اجاباتهم معبرة عن كل هذا الألم وعن الرغبة العارمة في الانطلاق من هذا الأسر وانقاذ ما يمكن انقاذه. ولقاء مع الفنان والمسرحي البحريني محمد الصفار قادر على القسوة عليك بناره وشجونه لأنه لا يعبر فقط عن مسرحي شاب أصبح الفن مناط حياته وانما هو حديث عن جيل بأكمله لا يزال يطرق الأبواب بحثا عن بصيص ضوء... نفرد هنا اللقاء:

هل تجد أن البحث عن نص جيد يشبه التنقيب عن قطعة أثرية؟

- أتفق تماماً مع تعبير التنقيب عن قطعة أثرية، في الواقع هناك قلة في النصوص المسرحية البحرينية، وقلة أكبر في التعرض لها والكشف عن مكامن الابداع فيها. إن الحديث عن نص متميز، أو نص قابل للعمل - بحسب الظروف والشروط والمعطيات هو المشكلة الأكبر. أي أننا لو تحدثنا عن نص لشكسبير مثلاً، ونصوصه متوافرة بكثرة، فحسب واقع العمل المسرحي في البحرين لن نستطيع العمل عليه. في حقيقة الأمر، المشكلة ليست في النص، بل في واقع الحركة المسرحية، وفي أثر هذا الواقع، حدث انحسار وتوقف من كتاب النصوص البحرينيين.

وما هي الزوايا والديكورات التي تجدها بحاجة للاضاءة بالنسبة إلى المسرح البحريني؟

- أولاً، يجب أن تعاد هيكلة قطاع الثقافة والفنون، وثانياً، تكريس الفنون في المناهج التعليمية وإعطائها جانباً مهماً في تحصيل الطالب، وقد سمعنا أن هناك رغبة من وزارة التربية والتعليم بذلك، ولا ندري مدى الجدية في ذلك. ثالثا، على المملكة أن تدعم قطاع الفنون، باحترام الفنانين وتفريغ من يمكن تفريغه لمواصلة عمله المسرحي في ظروف أفضل. وكذلك بقبول تكوين نقابة للفنانين من دون عراقيل مخترعة ومبتكرة. كما ويجب عليها أن تبني وتؤسس لبناء البنية التحتية للمسرح، كمقار محترمة وليست منتهية الصلاحية، وصالات متعددة ومتوزعة وحديثة تليق بسمعة الفنان البحريني. ودفع مبالغ محترمة للمنتجين المنفذين لأعمال التلفزيون، حتى يمكن للفنان أن يحمي نفسه ويصرف عليها من دون الحاجة إلى المشاركة في أعمال مسفة وهابطة، كي يدفع إيجار مسكنه أو أقساط سيارته، أو مصروفه اليومي، وهو بدوره يقوم بأعمال مسرحية بحسب ثقافته ووعيه. والأمر كذلك في الدعم للمسارح الأهلية، إن كثيراً من الأعمال تلغى من البرنامج السنوي للمسرح بسبب ارتفاع الكلفة من دون أن تحرك الوزارة ساكناً من توفير ورش مسرحية أو التأسيس لتوفيرها كانطلاقة أولى، إذ أننا لا نجد الوزارة مهتمة بالمسرح، تسهيل الإعلان للمسرحيات المحلية، فلو تخيلنا أن وزارة الإعلام التي تدعم المسرح الأهلي، هي نفسها من تطلب مبلغاً عالياً للإعلان التلفزيوني في هيئة الإذاعة والتلفزيون. رابعاً، الاعتراف صراحة بحق الحياة للفنان البحريني، فالذي يحدث هو تهميش له بشكل سافر، فلو علمنا أن مسرحية عذاري مثلاً قد شاركت في مهرجان القاهرة التجريبي، فقد عادت من دون أن تجد قلماً واحداً من الوزارة كلّف بتغطية أخبار الفريق الذي ابتعثته. وهذا يحدث كثيراً ولكل المسرحيات ولكل الفرق. عندما تقوم المملكة بواجبها الحقيقي يمكن الحديث بعدها عن واجبات الفنان البحريني.

وهل تشعر أن جيلك من الفنانين الشباب قادر على أن يصبح قطعة في جسد الابداع المسرحي؟

- التعامل ظاهري عادة إلا فيمن رحم ربي، وهم قلة، فالتعامل الجاد والتشريحي للنص لا يخرج عن جماعة قليلة ربما لا تفوق أصابع اليد. وهناك أسباب كثيرة تجعلهم غير قادرين على العناية بالنص أو العناية بالشخصية وابتكارها.

والناس، ألا تشعر أن هناك فجوة مظلمة تحجز المسرح عنهم، ألا تشعر أن المسرح أصبح بمثابة فراغ هائل؟

- المسرح البحريني ذو اتجاهات مختلفة، فهناك التقليدي، وهناك الجماهيري - وهو تقليدي في منهجه - وهناك التجريبي، وهناك التجاري. ولكل مسرح جمهوره الخاص به، وكل مسرح يطرح الهم الإنساني بطريقته. ليست المسألة في ما يطرح، ولكن أين وبأي إمكان يمكنه أن يطرح. ربما نريد أن نتحدث عن الفقر والبطالة، فهل يمكن التطرق بسهولة ووضع الإصبع على نقطة الانطلاق؟ تلفزيونياً مثلاً، كم مرة أرجعت بعض الانحرافات في المسلسلات إلى الفقر، لكن لم يطرح أبداً سبب الفقر. لم يتحدث أحد عن أزمة الاسكان، عن غلاء المعيشة، عن عن عن ... لا تلفزيونياً ولا مسرحياً، لأنها أمور لا يجب الحديث عنها. ليس المسرح من يبتعد عن الجمهور، ولا يجوز أن ندعي ذلك، فالمسرح أساس انطلاقه هو الجمهور والتجربة الإنسانية، فلو تحدثنا عن مرض نفسي تطرحه مسرحية ما، فهذا طرح إنساني، لو أن مسرحية عرضت أسطورة فهذا جانب إنساني، لكن هناك جانب حقوقي لا ينبغي للمسرح أن يطرحه.

هناك مقولة لـ «تشيكوف» تصف النقد بالرجل الذي يطعن فرساً اختبارا لقوته من دون أن يعنى بجراحه، فهل هذا النقد مؤلم لفرس الابداع المسرحي - ان صح التعبير- في البحرين؟

- هذا النقد لا يؤلم المسرح بقدر ما يكون سندا له في دفاعه عن حقوقه، فلو أننا أردنا تقديم مسرحية بأسلوب مسرح الشارع، فلسوف تكون هناك جملة من العراقيل. لو أننا أردنا أن نعرض مسرحية في عين أم السجور مثلاً، لك أن تتخيل حجم الأسئلة، لذلك كله فإن أي قصور في المسرح البحريني هو بسبب سوء التعامل مع الفنان البحريني في جانبه الثقافي والتوعوي والفني.


الفنان محمد الصفار

عضو مسرح الصواري منذ العام 1993، شارك في الكثير من المسرحيات المحلية والخارجية: مسرحية المهموم، مهرجان الجامعات العالمي، الظلمة، مهرجان الفرق المستقلة، القربان، مهرجان القاهرة التجريبي، الطفل البريء، الليلة العلمية، ضوء - ظل، إيفا، يوم نموذجي، عذاري. حاصل على الكثير من الجوائز: جائزة التمثيل، الأب، مسرحية يوم نموذجي، مسابقة إدارة الثقافة.أفضل ممثل، الزوج، مسرحية طال الأمر، مسابقة إدارة الثقافة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً