في زمن الهزائم العربية والانتكاسات الداخلية على مستوى الحكومات والمعارضة، يقدم لنا حزب مثل «حزب الله» تجربة فريدة من نوعها في درء مفهوم الهزيمة بكل أنواعها، وإحراز الانتصارات تلو الانتصارات، حتى يظن المرء أنه في حلم جميل سرعان ما سيتحول إلى كابوس، فهو لا يصدق أنه يعيش مرارة الهزيمة وفقدان الكرامة، وزهو الانتصار وخيلائه وعظمته في النفوس المستضعفة المقهورة.
أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أعلن في كلمته الأخيرة في يوم القدس العالمي عن طائرة الاستطلاع «مرصاد 1» بوصفها صنعا لبنانيا قام به مهندسو المقاومة الإسلامية، هذا السيد يشعرك بالخيلاء والنصر، ويشعرك أيضا بالخوف والحذر، ربما لأن أجواءنا ليست أجواء انتصارات بمقدار ما هي أجواء هزائم داخلية وخارجية على أعلى المستويات، وكم هي فكرة مجنونة ما يفكر به المرء حين يرى في السيد نصر الله يوسف (ع)، ويرى الأنظمة العربية التي عاشت الهزيمة وعدم التميز والتضييع لحقوق شعوبها وكأنها إخوة يوسف الذين حسدوه، وألقوا به في غيابة الجب.
إن زمن الهزائم والهيمنة الأميركية على مقدرات الأمة الإسلامية يوحي بهذا الهاجس مع وجود العجز المطبق في الدفاع عن استقلالية الدول وسيادتها، بل يوحي بدرجة كبيرة من التآمر على النجاح والتألق حسدا وحنقا، ونتمنى ألا يأتي هذا الكابوس، وأن نعيش مع الحلم لحظة بلحظة.
نصر الله يعلمنا دروسا في الوطنية وسلامة الرؤية على المستوى الاستراتيجي في النظرة إلى القضايا العربية والإسلامية، فهو لم يجامل إخوة له في المذهب، حينما تكلم عن الوضع العراقي وعن الفلوجة، كما لم يجافِ من اختلف معه حينما نعى عرفات، في وقت اكتفت فيه بعض الأنظمة العربية بتعزية باهتة، فهو بذلك منصف عاقل، وليت أهلنا في البحرين ينصفون بعضهم بعضا إذا كانوا يتحسسون الخطر الخارجي الداهم
العدد 801 - الأحد 14 نوفمبر 2004م الموافق 01 شوال 1425هـ