يتحدث أمين الخدامي عن الجريمة التي ارتكبها في العام 1996م في السليمانية شمال العراق، ويصف نفسه بلص القنبلة للوفاق الوطني العراقي (التي أسسها إياد علاوي) في شريط فيديو عن حملة التفجير واشتكى من نقص المال والإمدادات، وأكد ضابطان سابقان بالاستخبارات وجود هذا الشريط فعلاً. وأوضح الخدامي قائلاً: إننا فجرنا سيارة وتوقعنا الحصول على ألفي دولار، ولكننا حصلنا على ألف فقط. وذلك طبقاً لما نشرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية العام 1997م والتي حصلت على نسخة من هذا الشريط! لص القنبلة ومهندس تفجير باص المدرسة والحاصل على ألف دولار بدلاً من ألفي دولار وعدته بها الـ «سي آي ايه»، يتحدث رئيسه اليوم عن أولوية الأمن في العراق والفلوجة حالياً، ويتناسى ماضيه المعيب في قتل الأطفال والنساء، هكذا! فأي أمن يتحدث عنه المستعين بعبارات الدكتاتور السابق: «الخائب والخائبون» المستر علاوي؟! فـ «العميل مفهوم سياسي سيئ، يدل على الخائن الذي يخون بلاده أو حزبه أو مبادءه، خدمة لمصالح بلاد أخرى، مقابل عمولة»، أليس ذلك ما تقوم به حكومة علاوي؟
بمعنى آخر: أميركا استبدلت دكتاتوراً بآخر (علاوي مكان صدام). والدكتاتور الجديد متمرغ ماضيه بتفجير حافلة مدرسة أطفال وتخريب، كما تنقل «نيويورك تايمز»، ويشهد حاضر الفلوجة اليوم والنجف الأشرف بالأمس على الأعمال القذرة التي تمارس في العراق، وعلى الأيدي الملطخة بدماء العراقيين. وسياسة علاوي تقوم على انتهاكات حقوق الإنسان، ويلجأ إلى عادات النظام الدكتاتوري السابق... فمن ينكر ذلك؟
هل العراقيون في حاجة إلى مئة أو ألف أو عشرة آلاف مقاتل من الأجانب كما يصفهم علاوي؟ ولا نعلم هل من يستعين بهم اليوم من الأميركيين من ثلاثين جنسية أجنبية هم مواطنون عراقيون أم أجانب؟ إلاّ إذا اعتبر علاوي الأميركان ومن معهم مواطنين عراقيين. وبما أن الممارسات الدكتاتورية متأصلة في شخصية علاوي، وبالتالي فالدكتاتوريات تتعاون، وعلى ذلك: أباح لهم سفك الدماء واعتقال الأبرياء، وفضيحة سجن أبوغريب شاهد على ذلك، وانتهاك أعراض العراقيات، وتدمير المدن والقرى.
إن كان المقاتلون في الفلوجة أجانب، وهم عرب ومسلمون، فإنهم يواجهون الأميركان الأجانب أيضاً. العراقيون ليسوا في حاجة إلى من يجاهد نيابة عنهم، ذلك ما أكدته الوقائع والحوادث الجارية في العراق، فما هو تأثير هؤلاء «الأجانب» مع التحفظ الكبير على هذه اللفظة، في عمليات المقاومة العراقية الشريفة!؟
من جهة أخرى، انقسم الشيعة كبقية الاثنيات والطوائف - وإلاّ في أية خانة تصنف الفتوى الصادرة من ستة وعشرين من علماء المملكة العربية السعودية من جهة وفتوى آل شيخ - بين مؤيد للاحتلال وساكت عنه، ومقاوم ومجاهد قدم الدم في سبيل تحرير الوطن من رتق العبودية وجور الاحتلال وممارسات النيوكولونيالية، فتيار السيدالصدر يؤمن بأن التناقض الأساسي مع قوات الاحتلال، أما التناقض مع الطوائف والأثنيات الأخرى فإنه يعتبره تناقضاً ثانوياً، وعلى ذلك كان رأيه مخالفاً لكثير من التيارات، ومتوافقاً مع تيارات أخرى، على عكس مخالفيه الذين يرون أن التناقض الأساسي مع إرهابيي الفلوجة، وذلك هو العقم في النظرة الوطنية للأشياء.
الفلوجة الصابرة تجاهد اليوم، ومن السخف اعتبار المجاهدين قتلة وإرهابيين... ومن قصور النظر للأشياء أيضاً اعتبار طائفة بأكملها خائنة ومتخاذلة! فالسيدالصدر من جهة والسيدنصرالله من جهة أخرى يؤكدان أحقية مقاومة المحتل والوقوف الصريح مع المجاهدين، فقد جاء في كلمة نصرالله بمناسبة يوم القدس العالمي: «هناك التباسات خطيرة في العراق، بعض هذه المجموعات (مجموعات تفجيرات المدنيين) مرتبط بالـ «سي آي ايه» و«الموساد» والمخابرات العراقية التابعة لإياد علاوي»، و«الأميركيون يريدون أن يحكموا أدواتهم في العراق... ويريدون جزءًا كبيراً من الشيعة ضد جزء كبير من السنة».
ثم إن الدماء التي سالت في النجف وقدّمها أبناء التيار الصدري وغيرهم سيان مع دماء أبناء الفلوجة... فمتى نستوعب دروس التناقضات والأوليات والثانويات والخيانات أيضاً! ويتحدد ذلك بشاهد آخر: فـ «الياور» وحكام العرب وعلاوي في جبهة واحدة، ولا فضل لأحدهم على الآخر إلاّ بمقدار التخدد والتودد لسادة البيت الأبيض
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 801 - الأحد 14 نوفمبر 2004م الموافق 01 شوال 1425هـ