كشفت دائرة الرقابة التجارية OFT النقاب عن انتهاكات MasterCard لقوانين المنافسة وذلك بسبب الرسوم الباهظة التي تفرضها على كل عملية دفع تتم بواسطة بطاقة ائتمانها. ومنذ العام 2003، تتحرى عدة دوائر رقابة تجارية عالمية عن المبالغ المالية «البلاستيكية» التي يدفعها المتسوقون في الدكاكين التي تقبل التعامل مع بطاقات الائتمان، بسبب مستوى الرسوم العالية، على نحو غير ملائم، التي تصر MasterCard على اخذها من كل صفقة تتم عبر احدى بطاقاتها المطروحة في السوق.
واعطت دائرة الرقابة التجارية شركة MasterCard آخر فرصة للاستئناف ضد نتائج الاستقصاء الحالية. بعد ذلك، ستتخذ قرارها النهائي الذي قد يجبر مصدر بطاقات الائتمان العالمية، MasterCard، على قطع تلك الرسوم. وتتألف رسوم MasterCard من 1,1 في المئة على كل صفقة تجارية وتدفع عادة من قبل مصارف الباعة الى المصارف التي تصدر بطاقات ائتمانها. لكن OFT اكتشفت ان هذه الكلفة غالبا ما تعكس على الباعة، وتباعاً، على جيب المستهلكين، برفع أسعار السلع في المحلات التي تتعامل مع بطاقات الائتمان.
وسنويا، يصل حجم الصفقات التجارية، التي تتم باستعمال بطاقات الائتمان أو الدين الخاصة بشركة MasterCard، الى 30 مليار جنيه استرليني. وهكذا، يدفع المتسوقون نحو 330 مليون جنيه استرليني لتغطية رسوم دفع المال البلاستيكي فقط.
حتى الآن ليست هناك ارقام دقيقة عن حجم المعاملات المالية التي تتم باستخدام البطاقات الائتمانية في البلاد العربية والإسلامية، لكن التقديرات تشير الى انها تقترب من المليارات. وقد نجح الكثير من المصارف ومؤسسات التعامل المالي العربية في اصدار بطاقات ائتمان بشروط مغرية لجذب الزبائن المترددين في اقتنائها، بما في ذلك اصدار بطاقات ائتمان تجري معاملاتها - حسب ادعاء تلك المؤسسات - وفقا للشريعة الاسلامية.
ما ينبغي لفت النظر اليه هنا هو ان جميع التحويلات التي تتم عبر بطاقات الائتمان العالمية هذه، فردية كانت ام مؤسساتية تصب في طاحونة شركات الائتمان الام التي ليس للعرب أو المسلمين فيها أية أسهم. ومن ثم فهم غير قادرين - مهما ادعوا خلاف ذلك - ان تكون لهم كلمة مؤثرة من حيث وضع السياسات، وليس بوسعهم - مهما حاولوا - إعادة الأموال العربية والإسلامية المهاجرة من جراء الرسوم التي تفرضها شركات الائتمان الى البلاد الأصلية.
الغريب في الامر انه حتى الآن لم نسمع عن مؤسسة مالية عربية أو اسلامية تجرأت وانبرت للتصدي لذلك الاحتكار وحاولت كسره، على رغم ضخامة التحويلات والمعاملات المالية التي تتم من خلال بطاقات الائتمان.
نطاق مالي آخر بوسعنا ان نمعن التفكير فيه في سياق ادعاءاتنا بشأن تحرير الاقتصاد العربي والإسلامي. وطبعاً ليس الحل في شن الحملات على بطاقات الائتمان ولا نعتها بارذل الصفات، بل بدلا من ذلك الاخذ بالمنطق السليم الذي يستمع الى صوت العقل قبل أي صوت آخر، ويعمل بما يمليه عليه ذلك المنطق من سياسات وخطط بعيدة كل البعد عن الانفعال والشطط. والى ان نرى ذلك يقف المواطن العربي متسائلا: اين بطاقات افئتمان العربية؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 801 - الأحد 14 نوفمبر 2004م الموافق 01 شوال 1425هـ