العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ

حينما تدعي المثالية!

حمد الغائب hamad.algayeb [at] alwasatnews.com

منوعات

عجبي منك أيها الأخ... الفلاني... أنك تعاني الكثير وتكابد الأكثر من جراء الطموح المفرط والهدف الأسمى اللامحدود، في التعبير عما في مكنوناتك من تعابير لا أرى فيها غير ذلك الفرد الغريب الأطوار... فكيف لك أن تدعي المثالية مع محيطيك وحتى على أبسط الناس من حول؟! أمك أبوك أختك وأخوك وحتى الخادمة! وجميع المحيطين من حولك... منهم من يكبرك سنا وآخرون يكبرونك فكراً... غريب أمرك يا هذا... لم اعتد عليك بهذه الصورة... إنك تحاول أن تكون من دون أن تبدأ، وتصل من دون أن تسعى... وتشرب من دون أن تعطش، ألم تسمع أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة؟! تجاربك في الحياة محدودة بل وتكاد تكون معدومة... عرفتك منذ زمن بعيد... تأكل ولا تؤكل.. تستغل من حولك وحتى نفسك ولا يمكن لأحد أن يستغلك لأنك وببساطة شخص غريب مخيف... تخيف من يتعامل معك وإن جازف فالحذر هو الشعار المرفوع... والهزيمة هي النهاية المعروفة ولا تكون هذه المجازفة إلا لتفريغ كبت سيزداد في جميع الحالات.

أعجب من أسلوبك في الوصول إلى مبتغاك... وشعارك المرفوع دائماً «الغاية تبرر الوسيلة» وأية غاية وأية وسيلة؟! فكيف لي أن أهيئ نفسي إلى هكذا وضع... مريب... مخيف... يبعث بي إلى التشاؤم... لا أستطيع حتى التفكير في شخص هو لا يثق بنفسه... فكيف لي أنا أن أثق به... هو لا يستطيع أن يحترم نفسه... فكيف للآخرين أن يحترموه... أسلوبه... منهجه... طريقته في التعامل مع الآخرين... كأنه يتعامل مع حشرات... صراصير... شعاره الذل والإهانة... هوايته استصغار الآخرين وتهميشهم... وكبت أفكارهم... ليبقى هو في الإطار.

لم أشأ يوما أن أتعامل مع أشخاص شربوا النرجسية إلى هذا الحد... وتركت بصماتها فوق جباههم... لم أتمن يوماً أن اكون قد عرفتك... تمنيت لو أني لم أرك... حتى أعرف أين أضعك من البداية... وأعرف حجم قدرك لأضعه في المكان المناسب... ولا أصاب بخيبة الأمل هذه... بل الصدمة الكبيرة في شخص كرس كل ما يملك من وقت لعمل برواز له من زجاج ما لبث وانكسر وانكشف من خلفه... وانكشفت معه نواياه الشيطانية... ذات الأهداف الاستعمارية... المغلفة بتلك الأغلفة الجميلة... ومغطاة بتلك الأقنعة الجميلة ولكنها مزيفة...

في اعتقادي أنك قد أضعت الكثير من وقتك ومن عمرك في هدف مناله سهل. ولم تعرف أن المجتمع الذي تعيشه هو في منتهى الذكاء الذي يجعلك تلبس وتظهر كما تشاء حتى يسقطك على أم وجهك سقطة هي الأولى والأخيرة والأشد والأعنف حتى تكون عبرة لمن لا يعتبر... ومثالاً لمن لا يصدق... وأنموذجاً لمن يحبون سرد القصص وعرض تجارب الآخرين... وإني لواثق أنك التقيت منهم الكثيرين، بل ولأنك لا تستمع ولا تتعظ كانت نهايتك جميلة جداً في نظري... كريهة أشد الكره في نظرك!

يا صاحبي إن كنت مثلت فإن حضور عرضك كانوا قليلين... لتفاهة عرضك... ومحدودية أفكارك... كنت تعتقدهم كل الناس وخيرتهم... واتضح لك في النهاية أنهم أتفه الناس وأحقرهم... ولا يمثلون إلا أنفسهم مع اختلاف تلاوينهم واتجاهاتهم...

يا صاحبي إننا في عصر التطور في كل شيء حتى في طرق التفكير... وإن كان هدفك هو أن تكون مثلاً أعلى... فهذا منال صعب تحقيقه على أناس عرفوك عن أقرب من القرب نفسه... ولا تنطوي عليهم أقنعتك الكثيرة الغريبة والمستهلكة!

يا صاحبي أنصحك بالاقتناع بأن البساط قد سحب من تحتك إذا كان هناك بساط أصلاً! والالتفات إلى نفسك في البقية القليلة المتبقية من عمرك الذي أضعت أكثر من نصفه... ولا تحاول إقناع الناس بشيء أنت لم تقتنع به يوماً... بل اجعل هدفك من اليوم وصاعداً «كن سعيداً ترى الناس سعداء من حولك»، حاول أن تتحمل تنفيذ بعض الحكم والمواعظ الحقيقية، على رغم صعوبتها عليك أنت تحديداً، ولكن حاول... فالمحاولة والتكرار تعلم حتى الحـ... ، كن جريئاً اعترف بأخطائك مع نفسك... ولا تعترف للآخرين لأنهم يعرفونها (أخطاءك) كل المعرفة... واترك عنك شعارا لطالما كنت ترفعه و«تناهق» به... وهدفاً قد حلمت به... واعترف ولو لنفسك بأنك أخطأت بل كنت دائماً مخطئاً. فلا أشك أنك تستطيع

إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"

العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً